كلمة المسار حراك البرهان ؛ منح المتسع للمهام السيادية والتنفيذية
بعيد وصوله بورتسودان وصف الفريق أول البرهان خروجه من الخرطوم بأنه “قرار جيش” ، ردا على من وصفوه بالصفقة ، وهؤلاء عبروا عن أمانيهم ليس إلا دون أسانيد .
وما تلا خروج البرهان يؤكد أن تلك الخطوة مدروسة وتأتي في سياق التطور العملياتي على الأرض . وواقع العمليات يفيد بأن التمرد يعاني غياب الصورة رغم فقاعات الصوت ولسان حاله :
كفى بجسمي نحولاً أنني رجلٌ
لولا مخاطبتي إياك لم ترني
.. هم موجودون صوتاً بالميديا رغم هزالهم على الأرض ، وتلك هي خطة الجيش أن يقضي على المادة الصلبة للعدو ، شاملةً معسكراته وآلياته الثقيلة ومؤنه وذخائره ومراكز التحكم وأنظمة الاتصال .
ويعلم الجيش أن الطبيعة القبلية للتمرد تحيل الزمن لعامل سالب كلما حمي الوطيس وتبادلت الكيانات القبلية الاتهامات ، والخلافات حول أنصبة الغنائم ، لاسيما في ظل اعتبارهم لكل الممتلكات الخاصة والعامة بالعاصمة غنائم لهم .
صحيح أن خيانة التمرد تطلبت بقاء قيادات الجيش بمن فيهم القائد العام داخل أرض المعركة ، وفور تقييمهم لاندخار العدو استشعروا أن الوقت قد حان لأن يتفرغ القائد العام نسبياً لمهمتين ارتبطتا برئاسته للبلاد كرئيسٍ للمجلس السيادي ، الأولى هي متابعة الشأن السيادي ، والثانية الإشراف على الأداء التنفيذي .. عندها كان لسان حال الجيش لقائده العام ؛ أرمي قدام ورا مؤمن .
وهو مؤمنٌ فعلياً ذلك أن الجيش مؤسسةٌ تؤدي عملها وفق التراتبية العسكرية لأداء المهام وفق الخطط المرسومة سلفاً .
ويتأكد أن ذلك السياق مدروس بالعناية اللازمة ، من خلال التحريك الذي انتظم مفاصل الدولة سياديا وسياسيا وتنفيذيا منذ وصول البرهان لبورتسودان ، وأقرب النماذج هو نشاط الجهاز التنفيذي في مسارعة مهامه لتشمل كافة أرجاء البلاد ، مع وضع الخطط اللازمة لتطبيع الحياة في العاصمة فور الإعلان عن إنتهاء الحرب .. وتأتي الزيارات الخارجية للرئيس لكل من القاهرة وجوبا “الجارين الشمالي والجنوبي” وما يتلوهما من تمثيل للسودان باجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، للتنوير إقليميا وعالميا بما يجري في البلاد .
من هنا يعتبر خروج البرهان من العاصمة بمثابة منحه متسعاً لمتابعة مهامه الأخرى كرئيسٍ للبلاد ، وطبيعي أن تستمر متابعته للموقف العملياتي على نحوٍ فوري مع نائبه الفريق كباشي وبقية القيادات العسكرية .