الوطن أولا
قلنا نبقي شطار ونأخذ بمقولة( لا تضع البيض في سلة واحدة ) كانت إحدي سيارتينا في أمدرمان والأخرى في شمبات علي وزن حلو في شمبات مقيلو ولم تكن ساعتئذ حربا قائمة ولكن كانت نذرها بادية لصاحب البصر الثاقب وعلي كل حال لم نكن حضورا ولا شهودا ولكن ألم الوطن أشد من وقع الحسام المهند وما كنت أود ذكر السيارتين فالأرواح أغلي وأعز ، ولكن من نافلة القول ومن سماعي لقولهم أنهم يبحثون عن الديمقراطية ، فبحثوا ونقبوا في بيوت كثيرة ولم يجدوها ، وعندما أخذوا سيارة رفيقة دربي حمدت الله وشكرته مثني وثلاث ورباع وسألته أن يجدوا بين عرصاتها الديمقراطية الضائعة وكفي المؤمنين شر القتال ، ونفدي بذلك شعبنا العظيم ونسكن ونستكين ولا يضام مواطن مسكين ، ويبدو أنهم باءوا بالفشل فعبروا البحر وأخذوا الثانية ونسأل أن يجدوها جالسة في الكرسي الأمامي – أي الديمقراطية – قلنا لكم وقد قال لسان الثورة الجنجويد ينحل ولكنكم لم تسمعوا هذا العبث ففاضت المدرعات وفاضت الخوذات وفاضت الجثث ، فلم يكن قولنا وليد لحظة انفعال وقد قلناها منذ العام ألفين وثلاثة عشر ( إن الجنجويد اذا دخلوا مدينة نهبوها وإن وجدوا فتاة إغتصبوها وإن ولجوا قرية حرقوها وكذلك يفعلون ) فلم نجد المجيب ولم ينصت لنا سامع وعندما هبت النسائم وعلت الأصوات كانت أيضا للثورة جنجويدها ، فتكالب من تكالب وجثا من جثا وظهر الذي لم يكن في العير ولا في النفير وسما صاحب النضال الكذوب ومن لم يكن علي النار قعود وترقي ناهب العير وتاجر الحمير الي سلطان كبير حتي صار أمير يخطب وده الساسة ويتزلف إليه الرويبضة فيصنع منه إنسانا ويصله الباحثون ويتهافت عليه المتهافتون ومن لم يقرأ تهافت الفلاسفة ولا تهافت التهافت حتي بلغ شاوا فجلس أمامه أساتذة الجامعات مستمعين وبعضهم متملقين وآخرون من كيده المجنون خائفين ، فمنهم من يحج إليه صباحا ومنهم من يزوره مساء وساسة ينتظرون الساعات الطوال بفناء المنزل يترقبون ظهور الأمير ومن ظفر بلقائه بالفرح يطير ويملأ الأسافير ، فجلس في كرسي المحجوب ومارس مهام الشريف وأصبح عملاق الإقتصاد والناطق بلسانه والمصلح والكاهن والآمر والناهي والجهبوذ الذي أخذ عنه آدم إسمث وتعلم منه الفارابي وروي عنه إبن خلدون وهكذا كنا حتي صرنا نسمع دبر عز وتمطر حصو وحتما قد كان ولم تمطر لؤلؤا من نرجس ولم تسق وردا بل أسقطت شهبا ونيازك ففاضت المدرعات وفاضت الخوذات وفاضت الجثث ، لم يكن ما نحن فيه وليد لحظه ولكنها أخطاء التعجل وعدم إستبانة النصح ، وكان هنالك من نصح ولكنهم وضعوا أصابعهم في آذانهم وهاهي شمس الوطن تغيب وإن لم نستعجل الخطي ونوحد الكلم فإنها النهاية المحزنة ، فكونوا علي قدر المسئولية واسمو فوق الجراح ليكون الوطن ، ويكون السلام وتكون الحياة في وطن الجميع .
محمد عثمان المبارك