د. عادل عبد العزيز الفكي يكتب: تحريك جمود الاقتصاد
أصبح البون شاسعاً ما بين دخول غالبية سكان السودان وتكاليف السلع والخدمات فيه أدى هذا لتنامي عدد السكان تحت خط الفقر الذي يقدر حالياً بنسبة تتجاوز 60% من العدد الكلي للسكان، حسب إحصاءات صندوق النقد الدولي، فضلاً عن نسبة بطالة تبلغ 28.4% حسب الإحصاءات نفسها.
وعلى مستوى الاقتصاد الكلي يواجه الاقتصاد السوداني في الوقت الحالي مشكلات كبيرة للغاية هي العجز في الميزان التجاري، الركود التضخمي، تدهور قيمة العملة السودانية.
ساءت المؤشرات الاجتماعية، حيث احتل السودان المرتبة 139 من أصل 157 في مؤشر رأس المال البشري (HCI) و167 من أصل 189 دولة بناءً على مؤشر التنمية البشرية (HDI) في عام 2020.
شملت البلاد التغييرات المناخية، وتعرضت للفيضانات والجفاف المتكرر، فضلاً عن غزو الجراد يقدر أن 9.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وربما يزداد هذا العدد بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، علاوة على ذلك، هناك ما يقرب من 1.9 مليون نازح داخلي بحاجة إلى مساعدة عاجلة وأكثر من مليون لاجئ وطالب لجوء.
يتوقع أن تكون هذه العوامل قد أدت إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 8 نقاط مئوية في عام 2021م، كما خفضت الأزمة بشكل كبير الإيرادات الحكومية مع زيادة تكاليف الرعاية الصحية، مما أدى إلى عجز أكبر ونتج عنه ارتفاع التضخم.
خطط الحكومة لحل هذه المشكلات عن طريق تحريك جمود الاقتصاد، بزيادة الإنتاج، وإحداث طفرة في الصادرات، تواجه بالعجز عن تخصيص موارد مقدرة للصرف التنموي من خلال الموازنة العامة، وعدم دخول استثمارات جديدة من القطاع الخاص بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي والأمني، علماً بأن القطاع الخاص في السودان ما زال متخلفاً، وأن بيئة الأعمال في السودان لا تفضي إلى تمكين نمو القطاع الخاص، وأن كل من الشركات المحلية والأجنبية والمستثمرين يواجهون قيوداً متعددة على صعيد السياسات والبنية التحتية.
الخروج من الأزمة في تقديرنا يتطلب واحداً من خيارين، الأول: دعم هائل لميزان المدفوعات من مؤسسات أو دول صديقة بما لا يقل عن عشرة مليار دولار دفعة أولية، مع عون تنموي لا يقل عن خمسة مليار دولار سنوياً لمدة خمسة أعوام على الأقل، من الواضح أن فرص تحقيق مثل هذا الدعم من المؤسسات المالية الدولية قد تضاءلت بعد قرارات القائد العام للقوات المسلحة في أكتوبر 2021 في حين تستمر فرص العون من الأصدقاء خصوصاً السعودية والإمارات قائمة.
الخيار الثاني: تنفيذ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الصين، متضمنة استخدام اليوان الصيني في التبادلات التجارية الخارجية للسودان.
أصبحت العملة الصينية (اليوان) عملة قابل للتداول الدولي مع الدولار الأمريكي والين الياباني والجنيه الإسترليني واليورو الأوروبي، وذلك حسب قرار أصدره المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي خلال اجتماعه يوم 30 نوفمبر 2015، وبهذا يصبح اليوان العملة الخامسة في سلة العملات العالمية.. الظروف الدولية الراهنة جعلت العديد من الدول تتجه للتعامل باليوان.
إن استخدام اليوان الصيني في التبادلات التجارية الخارجية للسودان، يمثل فرصة هائلة للسودان للخروج من أسر الدولار الأمريكي، إن إقرار اتفاق كهذا، وتثبيته لمدة 20 عاماً على الأقل يضمن عودة الاستقرار للاقتصاد السوداني، وانخفاض نسبة التضخم لأقل من 9%، كما يضمن انسياب استثمارات أجنبية هائلة للسودان خصوصاً من الصين، تفجر موارده الكامنة وتحقق الرفاه لشعبه. والله الموفق