الشفيع الشيخ: ابن الأسرة اليسارية الذي أصبح جلاداً في “الدولة الإسلامية”
ما كان يدور في خلد والداي عضو خلية “البيتلز” في تنظيم الدولة الاسلامية الشفيع الشيخ أن ابنهما الذي يحمل اسم أحد ابرز الوجوه النقابية والشخصية الشيوعية السودانية الشفيع احمد الشيخ سيصبح جهاديا متطرفا لا يتوانى عن ممارسة ابشع انواع التعذيب بحق ضحاياه.
وقد أدانت محكمة فيدرالية أمريكية الشفيع الشيخ بتهم القيام بأعمال إرهابية والمشاركة في خطف وقتل مواطنين امريكيين وتقديم الدعم لمنظمة ارهابية. ومن المتوقع أن يحكم عليه بالسحن مدى الحياة.
وكان الشفيع عضواً في خلية تابعة لتنظيم الدولة الاسلامية قامت بعمليات خطف وإعدام لصحفيين وعمال إغاثة غربيين.
وأطلق على الخلية اسم “البيتلز” بسبب لكنة أعضائها الانجليزية. والخلية متورطة في خطف 27 شخصاً على الاقل في سوريا بين أعوام 2012 و2015، غالبيتهم من الولايات المتحدة والدنمارك وفرنسا واليابان والنروج وإسبانيا. وأفرج عن بعض المخطوفين بعدما دفعت حكوماتهم فدية مقابل الإفراج عنهم.
ونشر التنظيم تسجيلات مروعة عبر الانترنت لإعدام بعض الرهائن لأغراض الدعاية للتنظيم. وذكرت تقارير أن عاملة الإغائة الأمريكية كايلا مولر التي خطفتها الخلية سُلمت لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الذي اغتصبها مراراً قبل أن يقتلها وفق التقارير بينما قال التنظيم انها لقيت حتفها في غارة جوية.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد ألقت القبض على الشيخ وعضو آخر في الخلية هو البريطاني ألكساندا آمون كوتي (37 عاماً) في يناير/ كانون الثاني 2018 خلال محاولتهما الفرار إلى تركيا.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2020، تم تسليمهما إلى القوات الأميركية في العراق ثم نقلا إلى فيرجينيا حيث وجهت لهما تهم احتجاز رهائن والتآمر لقتل مواطنين أميركيين ودعم منظمة إرهابية أجنبية.
ولم تبدأ محاكمة الشيخ الذي اسقطت عنه الحكومة البريطانية الجنسية البريطانية إلا بعد ان حصلت الولايات المتحدة على معلومات استخباراتية عنه من الجانب البريطاني مقابل عدم إعدامه.
اسرة يسارية
ينحدر الشفيع من أسرة ذات ميول شيوعية وتمت تسميتهُ على أسم القيادي الشيوعي البارز الشفيع أحمد الشيخ الذي تم إعدامه إبان حكم جعفر نميري عام 1971.
كان الشفيع من أشرس المقاتلين الذين انضموا لتنظيم الدولة الاسلامية وكان مسؤول عمليات تعذيب الرهائن الغربيين رغم نفيه ذلك.
وطبقاً لإفادات بعض المحتجزين الذين تم الإفراج عنهم بعد أن دفعت حكوماتهم الفدية فإن الشفيع كان الأعنف والأشرس في مجموعة البيتلز وكان أكثرهم ضربا للرهائن والتنكيل بهم إلى جانب عمليات الإعدام الوهمية التي كان يقوم بها.
كان الرهائن يلقبون الشفيع باسم “غرينغو” او “جهادي جورج”.
ووصفه الصحفي الاسباني خافيير سبينوزا الذي كان محتجزاً في نفس السجن الذي كان يقبع فيه الرهائن الغربيون، بأنه الاكثر وحشية وكان مثل المجنون.
والده هو راشد سيد أحمد، الناطق باسم الحزب الشيوعي السوداني في بريطانيا ووالدته هي مها الجزولي، شقيقة القيادي الشيوعي كمال الجزولي.
كان والده يعمل في الخطوط الجوية السودانية وقدم طلب لجوء لبريطانيا في بداية تسعينيات القرن الماضي ولحقته زوجته بعد 4 سنوات وتم منح الإقامة لهما في العام 1994 وفي منتصف العام 1996 انفصلا.
للشفيع المولود في أمدرمان في السودان عام 1989 شقيق يكبره سناً اسمه خالد وقد حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنة في بعد إدانته بامتلاك سلاح ناري بغرض الاستخدام عام 2008.
والقت شرطة لندن القبض على خالد بعد مقتل أحد افراد عصابة اتجار بالمخدرات تشاجر مع شقيقه الشفيع.
اما شقيقه الصغير محمود الذي ولد في بريطانيا فقد التحق به في سوريا بعد أشهر من وصوله الى هناك وقتل في مدينة تكريت بالعراق عام 2015 ويعتقد أنه نفذ عملية انتحارية.
مثل ابناء جيله
تابوهات المراهقة، من تقديم كريمة كواح و إعداد ميس باقي.
وقالت والدته مها الجزولي لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية عام 2016 أن ابنها كان كسائر الشبان من جيله في لندن وكان شاف كما كان يلقبه اصدقاءه من مشجعي فريق كوينز بارك رينجرز وكان يعمل ميكانيكيا في ورشة لاصلاح السيارات دون أن يلفت انظار أجهزة الأمن البريطانية.
وعندما كانه في الحادية عشرة من العمر انضم الى منظمة شبابية تابعة للجيش البريطاني وامضى فيها مدة 3 سنوات سعيدة حسب قول الوالدة.
تغيرت حياة الشفيع مع دخول شقيقه الأكبر خالد إلى السجن وشعرا بالضياع بعد أن باتا بعيدين عن بعضهما.
وترعرع الشفيع مثل زميله الآخر في المجموعة الكساندا كوتي في حي شيبردزبوش في غرب لندن وكان يتردد على مسجد المنار الواقع في نفس الحي.
وحسب قول الوالدة ظهرت بوادر التغيير على الشفيع عام 2011 عندما عرفه أحد اصدقائه الأكبر سناً على تعاليم وأفكار رجل الدين المصري المتطرف المقيم في لندن هاني السباعي والذي يخضع لعقوبات اوروبية وامريكية واممية بسبب تأييده للقاعدة.
وشاهدته والدته ذات مرة وهو يشاهد خطبة مصورة للسباعي يتحدث فيها عن “فضائل الشهادة في سبيل الله” فسألته والدته : شفيع هل تريد ان تهرب وتموت؟ فأجاب بالنفي.
ونقلت الصحيفة عن احد اصدقاء العائلة ان الوالدة تجادلت مع ابنها مطولاً حول مبادئ الإسلام ولم يتفقا وان الشفيع قال لوالدته ذات يوم “إن الله يقول إن أمك قد تصبح عدوة لك”.
ترك الشفيع عمله في ورشة الميكانيك الكائنة في حي شيبردزبوش حيث تقيم اسرته وبدأ في بيع العطور الشرقية وتوزيع المنشورات الإسلامية امام محطة شيبردزبوش للمترو بعد أن اطلق لحيته وارتدى جلباباً.
واقنع الشفيع شقيقه الصغير محمود ليحضر معه خطب الجمعة في المسجد.
وحسب قول الوالدة أثر الشفيع على محمود الذي اعتنق نفس الأفكار المتطرفة وبدأ يرتدي الملابس الأفغانية واطلق لحيته.
وحسب قول الوالدة تغير الشفيغ بسرعة مذهلة وتحول الى شخص مختلف تماما خلال اقل من 20 يوماَ.
تزوج الشفيع من إثيوبية مقيمة في كندا عام 2010 ولم تستطع الزوجة الالتحاق به في بريطانيا بسبب رفض السلطات البريطانية منحها تأشيرة دخول.
توجه الشفيع الذي يتحدث اللغة العربية جيداً في شهر ابريل/ نيسان 2012 الى سوريا وانضم الى جبهة النصرة الموالية للقاعدة قبل أن يبصر تنظيم الدولة الإسلامية النور.
شعرت الوالدة بالقلق الشديد على ابنها محمود الذي كان في السابعة عشر من العمر وخافت أن تلحق بأخيه الشفيع، فاصطحبته الى السودان لإبعاده عن البيئة التي يعيش فيها في لندن وطلبا للعون من اسرتها لثنيه عن الالتحاق بالشفيع. طلبت الوالدة من السفارة البريطانية مصادرة جواز سفر محمود لكن السفارة رفضت لانه بريطاني في السابعة عشر من العمر ولا يمكن مصادرة جواز سفره.
اخذت الوالدة جواز سفر محمود لكنه استطاع الحصول على جواز آخر من السفارة البريطانية هناك. وقام متطرفون سودانيون بشراء بطاقة طيران لمحمود الى تركيا فطار الى هناك والتحق بشقيقه الشفيع هناك.
عندما علمت الأم بمقتل ابنها الصغير محمود بحثت عن مكان رجل الدين هاني السباعي الذي زرع في رأس ابنيها الأفكار المتطرفة و”صفعته في وجهه” حسب قولها وصرخت فيه: ماذا فعلت بابني؟.
خلال وجوده في سوريا تزوج الشفيع امرأة سورية ولهما ابنة ولحقته زوجته الكندية وانجب منها ابناً يحمل اسم شقيقه الأصغر محمود.
خلال وجوده في سوريا ظل الشفيع على اتصال مع اسرته في بريطانيا وتحمل ابنته اسم والدته مها.
وحسب مسؤولي الاستخبارات البريطانية تم تكليف الشفيع وباقي افراد خلية الخنافس بحراسة الرهائن الغربيين الذي كان يحتجزهم تنظيم الدولة في عاصمة التنظيم الرقة.
مارس الأربعة ابشع انواع التعذيب للمعتقلين وقاموا بذبح سبعة اجانب امام الكاميرا إضافة إلى 18 جندياً سورياً.
كانوا يعذبون المعتقلين بالصعقات الكهربائية ويوهمونهم بالغرق ويصلبونهم.
وقدم عدد من السجناء السابقين الذين كانوا في السجن الذي كان فريق الخنافس يديره في الرقة شهادات مروعة عن التعذيب الوحشي الذي كان السجناء يتعرضون له على يد المجموعة.
وقال الصحفي الفرنسي ديديه فرانسوا الذي خطف عام 2013 وظل في الاسر لمدة 10 اشهر ان فراد الخلية كانوا في غاية العنف وساديين.
كان السجناء يجثون على الأرض ووجوههم نحو الجدار عندما كان افراد الخلية يدخلون السجن وهم يضعون اقنعة على وجوههم طيلة وجودهم في السجن. كانوا يطلقون اسماء الكلاب على السجناء ويجبرونهم على ضرب بعضهم من باب التسلية وكانوا يضربون السجناء بعنف لدرجة كسر عظامهم واقتلاع اسنانهم حسب شهادة فرانسوا.
واطلق السجناء اسم جورج على الشفيع ويتهمونه بأنه المسؤول الأساسي عن التعذيب بينما يقول محاموه أنه كان مجرد مقاتل بسيط في التنظيم وانه ليس له علاقة بما تعرض له السجناء من قتل وتعذيب