مركزي قحت اخطاء التقدير وخطايا التغيير
الفاتح داؤد يكتب
قرار مركزي الحرية والتغيير وقف التفاوض مع المكون العسكري،في تقديري يشكل خطأ استراتجي فادح ينم عن سوء تقدير ،نخشي أن تعود قحت الي الطاولة بعد “جف الدماء” الي التسليم بما رفضته من عروض سياسية، مالا تدركه قحت المركزي انها جزء من طيف واسع من القوى السياسية الوطنية، وأن مشروعها في الحقيقة لا يمثل تطلعات قطاعات اجتماعية واسعة في المعسكرات و الأرياف والقرى والاقاليم النائية، بل اقرب الي التعبير عن نخبة المدن المنفصمة عن الواقع السياسي بسلوكها وتصرفاتها ، لهم العذر في ذلك لان ظروف ثورة ديسمبر ومزاجها الثقافي العام ،كان ولازال يدفع الناس نحو تبني خطاب رومانسي عن الثورة،و أحلام وردية حول الوطن، وتجمع مهنيين شبحي مثل المرآة السحرية التي تعكس عالم غير حقيقي. هذا التوهم العام كان متعمدا، لأنه سيأتي في مصلحة المستفيدين اليوم. ومصلحة قوى خارجية تسعى لإضعاف السودان ودور الدولة. كانت تلك العوامل تعكس الطابع العام لثورة ديسمبر، ويخطئ من يظن أن ديسمبر الثورة كانت بلا رؤية، ربما بلا رؤية ومشروع وطني سوى الأحلام الوردية، لكن القوي التي صنعتها كانت تسعي لتحقق رؤية معينة، رؤية أطراف خارجية عالمية وإقليمية متحالفة مع قوى داخلية، رؤية قوامها سياسات اقتصادية اساسها توصيات البنك الدولي وصندوق النقد لبلاد مثل بلادنا، رؤية في العلاقات الخارجية تكرس نحو تبعية مطلقة للغرب،. رؤية يقودها سياسيو السفارات محدودي القدرات. ديسمبر قاطرة لرؤية ومشروع جاهز ومدعوم بالقوة، ومؤيد من قوى العالم لكنه مشروع غير وطني تماما ،له جانب ثقافي علماني ليبرالي يستهدف هوية السودان المحافظة المنتشرة وسط طبقاته الوسطى والفقيرة والريفية تحديدا. مشروع كامل لإعادة هندسة الحياة الاجتماعية والسياسية.
ما حدث كان يجب أن يحدث، لأن الجماهير تتعلم بالتجربة والنقد والوعي، اليوم مصالح المستفيدين الأقلية واضحة، يجتهد البعض لتكرار ثورة بذات سيناريوهات ديسمبر، بذات القيادة الشبحية الوهمية ، و بذات الخطابات الوردية حول الوطن، ولكنهم لا يدركون اننا مقبلون على ثورة حقيقية وأكثر جذرية، ثورة مطالب مادية واقتصادية واضحة، تبدأ بطرح الأجندة المعيشية وفرضها بالقوة على الجميع،و الأحداث الحالية ستتصاعد وتتراكم و لن تتوقف، إذا هدأت ستعود مرة أخرى لأنها حتمية، وستأخذ وقتها ثم تظهر في موقف سياسي وطني يعبر عن تطلعات الشعب. لذا فإن التفكير حول الأحداث الحالية يجب أن يتم بطريقة مختلفة تماما ،عن كل ما حدث إبان ديسمبر،