البيت الإتحادي ؛ ذكاء توزيع الأدوار : الطريقة والحزب والخطو الوئيد
السيدان جعفر والحسن وقراءة التضاريس



تقرير المسار
المتابع للحركة السياسية السودانية منذ الاستقلال يمكنه ملاحظة انتفاء التعجل في مسيرة الاتحاديين طوال تأريخهم ، بل عوضاً ؛ هم الأقرب للأناة والريث ، وكأنما يتأسون :
قد يدرك المتأني بعض حاجته
وقد يكون مع المستعجل الذللُ
وعلى رغم أنهم تأريخياً أحد كبيري البلاد ، الا أنهم يتحاشون الهرولة نحو السلطة ، وربما أن الدليل الأبلغ يتمثل في أنهم الحزب الوحيد الذي لم يرتبط بالإنقلابات العسكرية الناجح منها والفاشل .
عودة مولانا :
قبيل الأخبار المتواترة حول العودة الوشيكة لمولانا محمد عثمان الميرغني للبلاد لا حظ المراقبون حركة دؤوبة للسيدين جعفر المرغني نائب رئيس الحزب ، والسيد الحسن المرغني المكلف بشؤون الطريقة الختمية .. حراكاً فسره البعض بأنه اختلاف بين القياديين ، وآخرون بأنه تنافس ، في حين أن المنتبه لصفة الأناة التي صاحبت مسلك الحسب تقول أن رئيسه السيد محمد عثمان بعث بهما لتلمس ما يجري عن كثب ، والتبصر بتوجهات مختلف الكيانات ، حتى إذا هبط السيد الكبير مطار الخرطوم كان على دراية بالخلاصات .. يذكر أن السيد محمد المعتصم حاكم قد سبق السيدين في تعاطيه مع الساحة ودراستها . ومما يحسب للأخير المباعدة بين تصريحاته للوسائل عامداً ، ما جعل لحديثه وقع تتناقله كافة الوكالات .
في غضون ذلك جاءت تلبية السيد الحسن لدعوة حزب الأمة ، وفي الظن أن الدعوة نفسها جاءت على خلفية الإرتباك الذي يعاني منه الأخير جراء غياب زعيمه التأريخي الإمام الصادق يرحمه الله من ناحية ، ومن ناحية أخرى التشوش جراء مشاركتهم للحرية والتغيير التي حلت خصماً على حزب الأمة ..
عندئذٍ يمكن القول أن الأخير استدعى علاقاته مع الحزب الآخر الكبير لترميم ما يمكن ترميمه ، بناءً على روابط تأريخية تمثل واقعاً بالنظر لإتلاف الحزبين عقب كل انتخابات لتشكيل الحكومة . ورغم أن نهر اليوم ليس هو ذات النهر ، كما أن السباحون ليسوا هم ، الا أن الأمة بحاجة لتكئةٍ تغيل عثرته وتعيده للتوازن .
وفي كل الأحوال فقد اعتادت الساحة تلك الخطوات المدروسة داخل البيت الختمي والحزب الإتحادي ، ما كفلت للحزب علاقات جيدة مع مختلف فرقاء الساحة .
وعلى ما يبدو فإن السيدين يتحركان عبر منهج توزيع الأدوار الموروث للحزب ، حتى إذا عاد كبير القوم وضعوا أمامه خرائط التضاريس السياسية التي تعين الحزب على اتخاذ مساره لبلوغ المبتغيات .