مقالات
الروبل مقابل الطاقة
معاذ طه يكتب
تعيش دول الاتحاد الاوربي في رعب حقيقي، وتتوجس خيفة مع بداية سريان القرار الروسي ببيع مشتقات الطاقة بالروبل فقط للدول غير الصديقة، ويعرف القرار الدول غير الصديقة بتلك التي ساندت امريكا في العقوبات الاقتصادية المفروضة علي روسيا الان .
- مصدر القلق ومبعث الرعب بالنسبة لهذه الدول الاوروبية سببه انها لا تملك بديل للطاقة الروسيه في الوقت الحالي علي الاقل، وايضا فمن اين لها بالروبل لتشتري به حتي لو رغبت في ذلك.
- ذكاء ومكر بوتين السياسي يتجلي بوضوح في اتخاذ هذا القرار( الورطة ) تجاه هذه الدول غير الصديقة، ويرمي بوتين الي تحقيق مكاسب مزدوجة من هذا القرار ( double score ) اولها واهمها رفع قيمة الروبل مقابل العملات الاخري والتي تدنت لاقل مستوي منذ عقود بسبب العقوبات الاقتصادية الاخيرة، وثانيها وفي حالة عدم مقدرة الدول علي الدفع بالروبل- كما هو متوقع – فانه سيطلب منها السداد بما يعادل القيمة من الذهب، وهذا يعني ان احتياطي هذه الدول من الذهب سيتحول الي الخزانة الروسية في غضون شهور قليلة ، سبب ثالث شخصي لروسيا وبوتين وهو الانتقام من هذه الدول علي تحالفها مع امريكا رغم حاجتها للطاقة الروسية .
- الدول الاوروبية بالطبع لن تقف مكتوفة الايدي تجاه هذا القرار ، فهي تطالب روسيا باحترام العقود الآجلة المبرمة بينهما، من حيث الدفع فيها باليورو وليس الروبل، ولكن نجد ان بوتين يتعلل بانه لن يستفيد من اليورو بعد حظره من النظام المالي العالمي( السويفت ) وبالتالي فانه سيبيع بالروبل فقط ، ولن يقدم الطاقة الروسية بالمجان، علي ان هذا الأمر سيكون مثار جدل قانوني ورفع دعاوي قانونيه امام المحاكم الدولية من قبل هذه الدول المتضرره في قادم الأيام.
- بايدن يبدو في موقف حرج مع حلفائه الاوربيين مع هذا القرار، لانه من جهة لا يملك بديل لتعويضها عن الطاقة الروسية ، كما انه لا يستطيع ارغام روسيا علي البيع باليورو من الجهة الاخري.
- العقوبات الاقتصادية ليست كلها وبالا علي روسيا وحدها، فنجد انها ارتدت علي امريكا نفسها بارتفاع اسعار الوقود في السوق الامريكي، مما اضطر بايدن باتخاذ قرار بسحب مليون برميل يوميا من الاحتياطي لمدة ستة اشهر لتثبيت الاسعار من الارتفاع، ومن المعروف ان امريكا لا تلجأ عادة للسحب من الاحتياطي الا في حالات نادرة جدا، فهل ارتد السهم علي الرامي، ام انقلب السحر علي الساحر كما يقولون.
- دلالات خطيره تفهم من القرار الامريكي بالسحب الطويل من الاحتياطي، وهي ان مؤشرات وتنبؤات امريكا للحرب الحالية انها ستطول لفترة ليست بالقصيرة، رغم المفاوضات بين الجانبين الروسي والاوكراني والحراك الدبلوماسي الدولي المتصاعد، وهذا يعني فيما يعني ان علي العالم ان يستعد لايام عصيبه من الازمات الاقتصادية في الطاقة والغذاء مالم تتوقف الحرب بانتصار الدب الروسي، أو تنجح المساعي الديبلوماسية ايقافها ونزع فتيلها.
- واخيرا اذا كان هو الحال في امريكا ودول اوروبا من تداعيات هذه الحرب، فكيف سيكون حالنا في دول العالم الثالث اذا طال امدها، أو اصبحت حربا عالمية، اظن انه لا حيلة لنا بذلك، ولا حول ولا قوة لنا الا بالله ، ولا نملك الا ان ندعو( اللهم إنا لا نسالك رد القضاء ، ولكن نسألك اللطف فيه )
ودمتم سالمين …