مقالات

السودان ورهاب الآخر :

حراك البرهان تجاوز فوبيا العلاقات الخارجية

المسار نيوز السودان ورهاب الآخر :

سيف الدين البشير

ربما أنها فوبيا متأصلة منذ الاستقلال .. هل هي مجزوء منطق الوجودي سارتر ، أم أنها نابعةٌ من وسواسٍ قهري متأصلٍ يحاذر الاقتراب من الآخر على أنه مدخل للنيل من السيادة ! .
الظاهرة ليست بنت اليوم ، ووفق مزاعم تنتظر التحقيق والتوثيق فقد جاء التسليم والتسلم بين رئيس الوزراء الأسبق عبد الله خليل والفريق إبراهيم عبود كنتيجةٍ لإشكالية التعامل مع الآخر . ثم أن تاريخنا الحديث ينم عن ارتفاع مؤشر الحذر العام لدى الأحزاب العقائدية على مختلف الأصعدة ، وربما أن النشاط السري لتلك الأحزاب فاقم من ظاهرة الهواجس والتشكك في كل أمر ومن بين ذلك العلاقات الخارجية ، وتكفي شعارات down down USA و”قد دنا عذابها” كأدلةٍ على تناسل الخوف المرضي على السيادة .
وفي أعقاب الثورة استفحلت الظاهرة ، وكلما اقتربت البلاد من دولة كلما رفع الهاجس عقيرته بأن تلك الدولة تتدخل في شؤون البلاد ، وأنها تنطلق من أجندتها .
وغريب أن تضج مواقع التواصل بالرفض المطلق حتى للشراكات الاستثمارية ، وغريب أن تتصدى للأمر كيانات سياسية ، وإعلاميون قفزوا بالزانة دون أية أرضية معرفية ، كل منتجهم محض أحاجي من شاكلة “في حلتنا كان في كلبة ميتة” ، ونشطاء عدتهم هي الهتاف ..
وطبيعي أن لمصر مصالحها ، ولأمريكا والإمارات والسعودية وروسيا وسائر دول العالم ، وكذلك للسودان . ومثلما لها أجندتها فإن للسودان أجندته ، وسائر الدول تضع مصالحها على الطاولة ثنائياً لتتوافق على ما يخدم المصالح المشتركة لأي منها مع حرص أي على سيادته ، وذلك هو جوهر العلاقات الخارجية .
وطبيعي أن يقترب السودان من الآخر ليكتشف المشترك المفضي لمصالحه القومية العليا دون أن يتنازل عن سيادته . ويجئ حراك الرئيس البرهان الأخير واللاحق عبر ذلك المفهوم بحثاً عن المشترك المفضي لتحقيق المصالح .
الواضح أن تجاذبات النشطاء وغوغاء الإعلام الجهول ، مع دمغ كل صحفي متدرب ب”الصحفي والمحلل السياسي” ، كل ذلك أربك سوح السياسات الخارجية مثلما أربك الساحة الداخلية ، كما أن تعويل الأحزاب – عدا القليل – على لهاة وسائل التواصل الصخابة ، ومهندسي الجمل الطنانة من الإعلاميين من صنفوا على أنهم من كبار الخبراء وهم ليسو على شئ ، كل ذلك حجم من الحراك الخارجي ، وحد من تنمية الروابط الخارجية على هدي من الثقة والتبادل النافع .
في غضون ذلك المفهوم المعلول والحراك المغلول يظل القطاع الدبلوماسي يمتلك التراكم التجريبي العميق ، ويظل حافلاً بخبراء من أمثال السفير علي يوسف ، وعثمان السيد ، وعمر صديق وغيرهم ، والأصوب أن يستعين بهم الفريق البرهان ويشكل مجلساً استشارياً للعلاقات الخارجية قوامه هؤلاء وغيرهم من رموز العمل الدبلوماسي .
ومابين لندن التي زارها الرئيس معزياً ، وبين عبوره مخاطباً المنظمة الدولية غير هياب ولا وجل ، ولقاءاته مع كبير الشرق ، وقيادات أفريقيا مثل ذلك الحراك الواثق استهلالاً جيداً لمرحلة ننفتح خلالها على الآخر إقليمياً وعالمياً بحيث يضع أي المعنيين مصالحه على الطاولة نحو مشترك يحقق مصالح الجميع دون الإنتقاص من السيادة ، ولسان الحال :
قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَٰلِبُونَ ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى