مقالات

ترتيب القوى السياسية السودانية الفاعلة على الأرض

المسار نيوز ترتيب القوى السياسية السودانية الفاعلة على الأرض

أمل الكردفاني

يمكننا وضع معايير متعددة لتحديد القوى السياسية الفاعلة والأكثر تأثيراً على الأرض. باختصار، لقد انتهت قحط الأولى بكل أبناء السفارات والمنظمات الدولية، وتم تقليم أظافرهم. وأتوقع خلال سنة من الآن سيتم تعيين بعض قيادات (قحط واحد) في السفارات والقنصليات بالخارج.
أما ترتيب القوى السياسية الفاعلة على الأرض، فسينبني على أربعة محددات: (السلاح، المال، القانون، الأمن).
الأول: القوات المسلحة:
تستند القوات المسلحة إلى عوامل قوة عديدة، من ضمنها السلاح كأول عامل للسيطرة والتأثير، والمال لا يلعب دوراً كبيراً في عمليات الاستقطاب، إذ أن الجيش يعتمد الآن على أعداء قحط واحد من ناحية، وتكاتف الإثنيات الشمالية، والكيزان معه، وهو يستفيد من الكيزان عبر سيطرتهم على القانون، أو مؤسسات العدالة المختلفة من ناحية، وعلى الرأسمال (البنوك والشركات) وعلى السلع والمؤسسات الاقتصادية (البنزين، الكهرباء، الدقيق، الدواء، ادوات التعليم). يلعب الجيش بمفهوم العظمة المعلقة على عصا والتي يربطها برقبة الطامعين من القوى السياسية الضعيفة والطامعة في بعض الفتات.
ثانياً: حميدتي: يأتي حميدتي في المرتبة الثانية وهو يملك السلاح، ولكن ليس بمثل قوة سلاح الجيش، مع ذلك فهو يتفوق على الجيش في عمليات الانفاق الاستقطابي، إذ بات واضحاً أن حميدتي استطاع ليس فقط شراء العديد من الصحفيين، بل حتى شراء الكثير من الشماليين الذين يعملون كمستشارين بلا عمل حقيقي ويحصلون على مرتبات، وبعضهم من الجيش. وخلال الستة أشهر القادمة قد يتفوق حميدتي على الجيش من حيث الولاء الجماهيري، إذا قبِل حميدتي المصالحة مع الكيزان. وعلى مستوى السلاح، فإن مستوى تسليح الدعم السريع لن يتفوق بأي حال على الجيش لكنه سيكون مثل الفارق بين روسيا وأمريكا. فرغم أن القوة الأمريكية تساوي أكثر من خمسة أضعاف القوة الروسية، لكن من ناحية استراتيجية وتكتيكية يزداد دخول امريكا في حرب ضد روسيا صعوبة يوماً بعد يوم. وسنلاحظ ان حميدتي وخلال الستة أشهر القادمة سيصبح رقماً يصعب إزالته، مما سيضطر الجيش دائماً لوضعه في الحسبان.
ثالثا: الحركات الموقعة على جوبا، وهنا سنجد اننا وضعناها في المرتبة الثالثة قبل الكيزان، رغم أن الكيزان يسيطرون على المال والقانون، لكنهم يعانون من رفض جماهيري من ناحية ولأنهم مرفوضون من المجتمع الدولي أيضاً وخاصة دول التخوم (مصر تحديداً) ودول الاتصال الإقليمي (السعودية، الإمارات). مع ذلك فهم يتفوقون على الحركات المسلحة من حيث السيطرة الناتجة عن التمكين الثلاثين عامي، بالإضافة إلى تعاضدهم الإثني (إذ يمكن التأكيد على أن النسبة الغالبة من الحركة الإسلامية بعد المفاصلة اصبحت شمالية بامتياز) مع علاقات قوية بالرأسمالية الشمالية كبرطم والسوباط وخلافه.
لكن الحركات المسلحة تتميز بأنها مرتبطة بسلام دارفور، وسلام دارفور مرتبط بالأمن الاوروبي من ناحية وخاصة فرنسا في تشاد، وأيضاً لأن الإعلام الغربي انتهز فرصة دارفور فبذل فيها مجهوداً ضخماً ليستخدمها لبناء تحالف ضد البشير، مما يجعل السلام في دارفور مهماً بالنسبة.
رابعا: الكيزان: يعاني الكيزان من مشاكل كبيرة، وأولها فشل تجربتهم السياسية فشلاً ذريعاً، مع الاتهامات التي نالتهم في أمانتهم بشكل واسع النطاق مما أثر حتى عليهم كمرجعية إسلامية. لكنهم يحاولون البقاء من خلال مؤسسات القانون والمال التي يسيطرون عليها، والتي من خلالهما بنوا شبكة واسعة لا يمكن إغفال تأثيرها الاقتصادي من حيث إنتاج الأزمات أو حلها. لكنهم مكروهين على مستوى الشارع، مع ذلك فقد تغلبوا على ذلك الكره من خلال التحالفات الإثنية (الشمال) والتي هي في الواقع تحالفات اقتصادية بين أصحاب مصالح.
خامساً: الأحزاب السياسية، وهي الحلقة الضعيفة، والتي تعاني من انكشاف عورتها خلال العقود الماضية، ثم فقدهم لأي مشاريع ذات طابع قومي. مع ذلك فنحن نضعهم في المرتبة الخامسة قبل رجالات الإدارة الأهلية، لأن هؤلاء الأخر لا يملكون سيطرة كاملة على ما تحت ايديهم، فضلاً عن صراعاتهم، وخضوعهم لمن يعشمهم بالسلطة والثروة.
سادساً: القوى الأهلية، وهذه لم تستطع أن تتوحد مناطقياً، لقد لعب الجيش دوراً كبيراً في شق صفهم، عبر الاتفاقات من تحت التربيزة، والاتفاقات المعلنة كمسارات جوبا، والتي افرزت انشقاقات تحولت لعداءات وصراع دموي في بعض الأحيان.
سابعا: الشعب المتبقي: وهو يعاني من الصدمة، بعد البروباغاندا الإعلامية خلال الثورة، والتي عشمته في مستقبل أقوى من حاضر اليابان. ثم تبخرت كل تلك الأحلام فجأة، وأصبح اليوم غير قادر على الوثوق في أي قوة سياسية تظهر على السطح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى