محمد عثمان المبارك يكتب
هذا نداء للناس، لكل الناس فإن البلاد علي شفاء حفرة بل هوت بها الأهواء من مكان سحيق وأختلط فيها الحابل بالنابل وتبختر فيها البطريق ومشي في طرقاتها غراب البين والجوع لم يضع العصا عن عاتقه قارعا الأبواب تباعا ومتربص شاكي السلاح في دار ليست دار أبيه وليس له فيها صاحبة تأويه ولا توجد فيها أمه وأبيه غرئب الوجه واليد واللسان ليس له عم ولا خال يعتز به فإن مضاربه خلف الحدود جلبوه بمال ليقاتل في بلد لم يدر شعابها ولا يعرف شعبها فمنهم من مالي وإن قيل له دك الطرقات سيقول وأنا مالي وأين مالي ومنهم سليل بوكاسا وحفيد تومبالباي الذي يمتلك مفاتيح انجمينا وينشد إنجماما في أرض ترهاقا ويحل في أرض بعانخي ويكوش كوشا في ليل دامس بهيم ويختلس حلة أماني ميناس ويذهب بذهبها ويجلس علي الككر ويلبس الطاقية أم قرينات فقد حزن علي دينار ولم يكن هنالك نشيد يقال دا الحار وما بندار علي دينار سبق الطيار ولم يكن النور عنقر حاضر وقد كسرت جرته ومات فرسه ودرس قوله الدواس وين سيدي الخليفة وأمير الشرق دقنة يحترق في قبره والفكي علي ليس علي سجادته جالسا وود حبوبة غادر قبره الحلاوين والنجومي قد غاب نجمه وبادي لم تعد له شلوخ وأبو عرجه قد زادت عرجته والنيلين يتعانقان ليس فرحا بل بكاء ونحيبا ودموعا سواجما تجري بقدرها وتعانق شمالها حين مات المرثي وعقد لسان الراثي فلا أعواد تعجم ولا ناي يرن ولا صنج يضرب ولا هدهد يأتي بنبأ يقين فقد أصبح الرواة كلهم حماد ونخشي أن يكون قولنا الرماد كال حماد ويكون أخر مقالنا يحلنا الحل بله ويا ليته يأتي من أقصي المدينة رجل يسعي ويقول يا قومي اتبعوا المرسلين ، فإن للمنطق لسان وفي الحوار مخرج ولا حلول تأتي إلا من الذين كانت طينتهم من طينة الوطن ولا يعرف قدره إلا الذين إذا قيل لهم إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم عزيمة واصرار واستكبار وكان لسان حالهم فلتذهب الأنفس والأرواح ويبقى الوطن، فلنجلس سويا وتكون الحجة حاضرة والمنطق فاصلا فنحن عبدة المنطق الذي يتحدر علي ألسنة الأنبياء والفلاسفة والمرسلين ولمثل ذلك فليعمل العاملون وكل الطرق مغلقة وكل السبل مسدودة ولا ملاذ ولا مناص إلا الحوار أو يسعي في المدينة خراب وموت حمر ثعالبه .