مقالات

يلخصون السودان في الخرطوم بفرضياتٍ  كذبها الواقع : أحزاب الحضور النخبوي ولا قواعد

المسار نيوز يلخصون السودان في الخرطوم بفرضياتٍ  كذبها الواقع : أحزاب الحضور النخبوي ولا قواعد

كتب رئيس التحرير

هنا في الحاضرة ، يضع الحزب الشيوعي ساقاً فوق ساقٍ ، ويسند الظهر لوثير المقاعد النخبوية ، في مدينة يعتقد أنها الأكثر قابلية لتبديل الملامح ولقبول ثقافة السفاه معراجاً لأقبح المسالك . ويشايعه اليسار العروبي من لا تتجاوز مرجعياته الفكرية ذكريات رؤساء عرب استعاضوا عن الفلسفة السياسية النظرية ببعض الإرتجالات التي أثارت جدلاً حتى في أوطانهم .
ولقد كنت أسمع عن حزب اسمه البعث العربي وأتصور أن ندوتهم الماضية كانت حول امرئ القيس الكندي رائد الكلام المنظوم ، والقادمة حول معن ابن زائدة ، وأخرى حول بنت عمر الشريد ..
تصورت – ولما أزل أظن الأسماء لمسميات – أن يحتفوا برسالة الإسلام وهي البؤرة الأنصع في سجل التأريخ العربي ، وأي مأثرة ألح من الدين الاسلامي جوهراً لفكر من  يتحدث عن “بعث عربي” وشعاره “أمةٌ واحدة ذات رسالة خالدة” ! .
وعند العروبية المتتطعة فإن الفكرة بأكملها لا شأن لها لا بالدين ولا قيم العرب ومآثرهم .. هي لا تكاد تحتفي بكل ما له علاقة بالعرب بل أنها نقيض ذلك في كل أمر . بل أن جوهر فكر الغلاة منهم هو البغضاء المطلقة للإسلام ولموروث العرب .. أي بعثٍ عربي إذن ! ..
أما ثالهم “المؤتمر السوداني” فهو تكوين لا يرتكز سوى لأطر طنانة فضفاضة ، ولا يأتمر ويجتمع إلا لخطب فيها من الحشو مافيها ومن غبي المحسنات الركيكة في غياب المضمون من شاكلة “المجد للساتك” . حزب يراوح بين عبث الليبرالية وبين مغاضبة الحضارة الغالبة شأنه  شأن اليسار بشقيه الشيوعي والعروبي ، وهو ما تجتمع عليه الكيانات الثلاث .
وهم جميعهم على قناعة تامة بأن بيئتهم لا تتجاوز حدود العاصمة الخرطوم ، وبضع حواضر طالها عبث النقابات الحمراء وانفعلت بالخطاب الفارغ دون فحصه ، ذلك أن تسارع حركة الإبدال والإحلال بالمدن الكبرى تجعلها الأوهى أواصر مجتمعية ، ومن ثم الأوهى رباطاً بالقيم الحاكمة . أما الوسائل فهي العمل المدروس للتفكيك الأسري ، وتعميق الحريات الشخصية مبلغ أن ينفت عضد الوجدان الجمعي نحو فردانية ينطلق الفرد في رحابها المهيل منعتقاً من أي ضابط قيمي.
وهي ذات الأحزاب تلخص السودان الكبير في الخرطوم ، بفرضية أن الخرطوم هي سيدة العمل السياسي ومن تنصب الحكومات .  ولقد ظلوا على قدر من الصراحة والمجاهرة بالأمر ، ويكفي رفضهم لانتخابات ينازع خلالها السودان الكبير العاصمة في حق التنصيب .
بعد كل جهدهم المبتذل ، هاهي العاصمة تصد المساعي المسخ ، وما يزال الزي الساتر سيد الحضور بين طالبات الأساس والثانويات في الخرطوم ، وما يزال الثوب السوداني هو حشمة أمهاتهن ربات البيوت ..
تسنم هؤلاء فأرهقوا البيئة السياسية ، وأربكوا صرامة الدولة عبر فرزٍ سياسي قمئ ، فخيم الإحباط الأرمد على السوح .
كانت البلاد تتحدث بألف لسان من وجدي صالح من نصب نفسه ملكاً مطلقاً فوق كل دستور وكل قانون وكل عرف ، مروراً بود الفكي والتعايشي ، وحتى حمدوك “شاهد ما شافش حاجة” . وغالب لغة هؤلاء كانت تهديداً يومياً لمن يكفِّر أباطيلهم .. استخدموا أسلوب الوصمة بدمغ كل مخالف بأنه “كوز” ، وبذلك قال نائب رئيس المجلس الانتقالي الفريق حميدتي ، بحيث جرموا حتى المصلِّي بوصمة أصبحت تشير للمحافظ . عتمة ليس لها من دون الله كاشفة.
في غضون ذلك المعمع المضطرب كان الجيش ومن حوله القوات النظامية والدعم السريع يرمقان ما يجري بثاقب البصر والبصيرة ، وكم من رمادٍ يذري هشيم الموت غام في سماء الخنادق ، فحتمت عليهم العركة اختراقه بالبصر ، وردعه بالبصائر .. هؤلاء علمتهم الجبهات العزم واتخاذ القرار  دون تردد إن دارت الرحى ، وذلك ما تواضعوا عليه ليلة الخامس والعشرين من أكتوبر المنصرم ..
ولأنها كيانات أشبه بفيروز الإيدز تموت إن افتقدت جسداً مستضيف ، ما يزالون يمارسون ذات الديماجوجية بتحريض اليفع لإثارة الفوضى غير آبهين لمكابدة المجتمع ومعاناة فقراء البلاد وهم الأغلبية جراء عبث السنوات الثلاث .
وهم سوف يتشبثون بالمسلك الفوضوي حتى وإن أدخل البلاد في دروب المجهول .. ويكفي أن الفوضى الماثلة تحول دون وضع الخطط المستدامة لخروج البلاد من وهدتها ، والإعداد للإنتخابات .
إذن ، وعلى الفريق البرهان ، وبذات روح الخامس والعشرين من أكتوبر ، كبح الشطط العبثي بشوارع العاصمة والمدن الكبرى  عبر قرارات لا تترك متسعاً لتكوينات ترى مصلحتها في هدم الاستقرار . المطلوب تفعيل حالة الطوارئ ، وحظر التجمعات ، واستنان القوانين الرادعة ضد من يحرض ومن يستجيب للتحريض ، حتى تتمشى الطمأنينة الواعية في طرقات البلاد وتتنفس العافية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى