قيادة الدولة في ظل التنافس الدولي
أ. د محمد حسين أبو صالح أستاذ التخطيط الإستراتيجي والأمن القومي
▪️من الأبحديات المعرفية المطلوبة لمن يمارس السياسة ويتولى قيادة الدولة، هو إدراك التعقيدات ذات الصلة بالدولة وتحقيق نهضتها وأمنها، سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي، ومن ذلك تعقيدات التنافس الدولي وطبيعة استراتيجيات الصراع في الإقليم وتجاه بلادنا وماهية أدواتها والحروب الذكية وحروب المخابرات، ومن ثم التسلح بالمهارات والمعارف اللازمة، ومن ذلك معرفة علوم السياسة والإدارة والقانون ومفهوم الأمن القومي والصراع الاستراتيجي الدولي حول المصالح وطبيعة هذا الصراع وأهدافه وأدواته، ومهارات الإدارة والتفاوض وإدارة الأزمات وغيرها من المهارات والعلوم.
▪️كما أن الاستفادة من الفرص أو التعامل مع التهديدات الوطنية وتحويل التناقضات مع مصالح الآخرين إلى تكامل فضلاً عن تحقيق التوازن بين مقتضيات المصلحة الوطنية والمصالح الخارجية، وما إلى ذلك، يتوقف بالدرجة الأولى إلى وجود إرادة وطنية، إلا أن امتلاك الإرادة الوطنية رهين بمدى التوافق على رؤية وطنية ذات عمق استراتيجي تعبر عن الدولة، تشمل تشمل مصالحنا وغاياتنا وقيمنا الوطنية بحانب ترتيبات التعامل مع التنافس الدولي حول المصالح، فضلاً عن سلوك سياسي راشد يعلي الوطن.
⭕ إذا نظرنا للنقطة الأولى نجد أن كثيراً من أطراف العملية السياسية وكثير من السياسيين ومنسوبي الحركات المسلحة، التسلح غير مدركين للتعقيدات المذكورة فصلاً عن الضعف البائن في المعارف والمهارات المطلوبة لإدارة دولة واقعة في مسرح الصراع الاستراتيجي الدولي،
كما يؤسفني أن اقول بأن كثير من الفاعلين في الساحة السياسية غير مدركين لخطورة الأجندات الدولية في السودان وخطورة ما يجري، ولا زالت الساحة تشهد ذلك السلوك السياسي الأناني السالب، الشئ الذي يعني تهديد الأمن القومي.
وإذا نظرنا للنقطة الثانية، ندرك أننا دولة تسير دون بوصلة بسبب غياب الرؤية الوطنية والخطة العاجلة، كما يمكن أيضاً أن ندرك حساسية عملية إنتاج الرؤية كونها تتضمن في بعض جوانبها ترتيبات التعامل مع البيئة الاستراتيجية الخارجية كما تجسد عملياً مفهوم الاستقلال الذي يعني قدرتنا ( الذاتية كسودانيين ) في تشكيل مستقبلنا، الذي يشمل تحديد مصالحنا وفلسفتنا الوطنية وكيف نحكم، إلخ، وليس بإرادة خارجية أو إرادة أجندات ضيقة، لذلك فإن إصرار البعض وتعويله على الحل الخارجي في هذه المهمة بالغة الحساسة، دون اعتبار للحلول الوطنية، ينم إما عن جهل وسذاجة أو عمالة.
▪️إذا لم نتصرف بشكل مسئول، فقد نصحو على واقع الإنزلاق الامني والإنهيار الاقتصادي وبداية تمزق الدولة، وعندها قد لا يجد البعض كرسي سلطوي كي يصطرع عليه.
▪️لسنا في مرحلة لتوزيع الغنائم ، نحن في حاجة للحفاظ على بلادنا وهذا يتطلب أن نقوم بالآتي وبسرعة
التوافق على وثيقة دستورية تحدد مهام الفترة الانتقالية المتمثلة في تسيير دولاب العمل
تنظيم حوار سوداني يؤسس لرؤية سودانية كخطة للدولة
حوار للمصالحة بغرض فتح صفحة جديدة
تنظيم الانتخابات
استعادة السيطرة وتعزيز الإرادة بإعمال المؤسسية وتأسيس العقل الاستراتيجي للدولة وتأمين مركز صناعة القرار وفرض هيبة الدولة.
▪️ليس هذا فحسب بل يتوجب تأمين مركز صناعة القرار الاستراتيجي مع إعمال المؤسسية، ومن ثم فرض هيبة الدولة وحزمها في تنفيذ خططها وقراراتها بكل جدية، وكل ذلك يعد من الترتيبات الأساسية لقفل الثغرات التي تتمدد بها الأجندات الضيقة، ومن ثم سيادة النظام والإرادة الوطنية.
أما آن الأوان لأن تصحو من هذه الغيبوبة ونؤسس لحل وطني بإرادة وطنية خالصة.
يونيو 2022