في ذكرى رحيل الزعيم الأزهري :
السماني الوسيلة يوجه رسالة وطنية للنخبة السياسية وللثوار والاتحاديين
السماني الوسيلة الشيخ السماني
[1]ثلاث وخمسون عاما استدار فيها الزمان كعادته ..وما زال الوطن كله يردد اسمك كأنبل رمز للسيادة والحرية والديمقراطية وأنت في عليائك في جوار عزيز لا يضام ضيفه.
أنت ومن سبقك من جيل الآباء المؤسسين.. ترقبون وتنظرون… بإشفاق لحالنا وحال الوطن العزيز الذي بذلتم جهدا مقدرا لعلو شأنه ووحدة بنيه..
فلقد تركتم لنا وطنا وقد وضعت حكومتكم (في الفترة ما بين ١٩٦٥ ومايو ١٩٦٩) اللمسات الأولي لمعافاة الاقتصاد بتحرير قطاعاته من يد الشركات الأجنبية: تاميم البنوك .. الشركات التي كانت تحتكر التجاره في السلع الإستراتيجية.. استيرادا وتصديرا ..قانون الإصلاح الزراعي..كوادر الموظفين والعمال والمزارعين..التخطيط لقيام المشروعات الكبري.. ترعتي الرهد وكنانة.. تطوير مشروع جبل مرة ومشروع ساق النعام ومؤسسات جبال النوبه والنيل الابيض والشمالية والنيل الأزرق.. برنامج الضمان الإجتماعي(العطالة أو بند الشريف الهندي) والذي كان يهدف لحماية الشباب من الضياع والبطالة.. مساعدات لأهله ونفسه وينال تدريبا في مجالات عده حتي يجد فرصه في الخدمه والوظائف.
انفتاح القوات المسلحة والأجهزة الأخرى علي دول العالم تدريبا وتسليحا.
[2]تركتم لنا وطنا عزيزا يفخر ويفتخر به اهله.. وطنا غالي، يضم أهله في تسامح ووئام، ويسعي ويعمل علي معالجة ما يعترض نسيجه الاجتماعي بالحوار دون وصاية او فرض ارادة غالبه علي جماعة مهما صغر ححمها..
وتركتم السودان دولة ذات سيادة.. تحترم الجوار وتسعى لتعزيز العلاقات.
تركتم السودان قبلة لجواره القريب والبعيد من قصد منهم النصح والعون والدعم والسند ..خيرات وخبرات وفي كافة المجالات: التعليمية..الادارية.. المهنية .. القانونية..والدبلوماسية والعسكرية.. والإقتصادية..والتوسط دون إنجراف او إنحراف لطرف..
والأمثلة كثيرة.. دوره في قضايا القارة الافريقية.. في معارك التحرير والبناء…
وفي قضايا الوطن العربي ..اذا تحقق علي يديكم الطاهرتين أعظم انجاز في تاريخ الامة العربيه، عندما جمعتم الراحلين ناصر العروبة ومليكها الفيصل آل سعود شهيد الغدر والخيانه..
ومساهمة أبناء شعبكم في تنمية وتطوير كل هذه الشعوب العربية والافريقية. كما كان للسودان أعلام في الاروقة الدوليه. [3]لولا إنقطاع ذلك الجهد بعاديات الدهر …بما أبتلينا به من صراع، قاد الي انقطاع دورات فترات الحكم الديمقراطي في دوراته الثلاث ١٩٥٦-١٩٥٨: ١٩٦٥-١٩٦٩ : ١٩٨٥-١٩٨٩ ، لما وصل بنا الحال الي ما وصلنا اليه: نقص في الأنفس والأموال والثمرات حتي أصبح المواطن لا يستطيع مقابلة لقمة العيش ولا تعليم أبنائه ولا حتي علاجهم، وأنعدم الماء والدواء، والأمن.. وإثقل كاهله بجبايات لا طاقة له بها. وقل زرعه وجف ضرعه. وهاجر أبناؤه يهيمون علي وجوههم .. في رحلات للمجهول هربا من شظف العيش وسوء الحال..وسادت فيه روح القبلية البغيظة والكراهية والتخوين ..وكاد الامر أن ينفرط.. شباب غض نضير ينظر حوله ولا يري الا المجهول..
وانت وذلك العقد الفريد الآن مشفقون علي ما ال اليه حالنا ،، تحذروننا بانه اذا ما انفرط عقد التوافق الوطني لإختلافات ليس للوطن فيها حساب: أهلا وترابا ومواردا وقيما وتاريخا ضارب في الجذور كأقدم حضارة علي وجه البسيطة..
وتأكدون بأن ريحنا ستذهب سدي وتتكالب علينا الأجندة الخارجية بمختلف مسمياتها.. وتجد طريقها سهلا ومعبدا.. ذلك كله..عندما تضيع الحقيقة من بين يدي الجميع .. ويعلو صوت الحزبية المتكلسه والمنغلقة.. والعشائرية البغيضة .. والقبلية المؤدية بأهلها للهلاك ..والمصلحة الضيقه.. وكأننا نعيش في عصور مضت.. والعالم من حولنا شعوبه تجتهد في تطوير أساليب حكمها .. ووسائله ..حرية راشدة .. وديمقراطية كامله يمارس الفرد فيها أروع أنواع الإلتزام الوطني.. والإحترام لكل شيء.. ويدركون أن حرية أي فرد تبدأ باحترامه لحرية الآخر.. لا تنابز بالألفاظ ولا اتهامات بلا ادلة.. ولا تشويه لصورة مواطن .. ولا حرمانه من حقوقه ..التي يجب أن يعلم أنها ترتبط بإيفائه بواجباته علي الوطن كاملة.
وتسالون؟ الم يحن الوقت لنسمو جميعا فوق كل هذه الخلافات؟ ويكون الوطن الذي تتغنون له جميعا هو القاسم المشترك؟ وأين هو من كل هذه الصراعات والخلافات والاختلافات؟
[4]ألا تخافون علي الديمقراطية الوليدة والحرية؟ والتي ظل ثمن إستردادها دوما دماءا غالية وأرواحا طاهرة من أبناء هذا الشعب الحليم الصابر.. الذي يحلم بان تسود قيمها الراقيه..في العدالة والحكم الراشد والشفافية واحترام الرأي والمساواه وحق المواطنةالا تخشون من ضياعها؟ خاصة ونحن الآن في عصر العالم الجديد الذي تقوم علاقته على المصالح العليا للدول والشعوب.. عالم يحترم من يراه موحد الرأي والهدف والعزيمة.. يسعي الي التعاون معه بقدر من النديه.. ليتمكن أبناء الوطن وبناته من المضي قدما في تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.. مما يزيد الديمقراطية رسوخا واستدامة… والا فسنجعل الوطن لقمة سائقة لكل طامع من كل جنس!
ألا تعلمون أن لكم وطننا عزيزا ذلك الشامخ، وهو أرض مرغوبة لما ميزها الله به من خيرات كثيرة… لا ضير ان نعيد ذكرها عليكم مرات ومرات.. حتي لا تنسوا وسط الصراع.. قيمته الحقيقيه بل تعملون للحفاظ عليه وعلي إنسانه وخيراته:
- أرضا وسماءا.. يتوسطان الجوار القريب والبعيد..ويربطان العالم شرقه وغربه.. شماله وجنوبه..
- أنهارا وامطارا ومياها جوفيه تفوق مخزون الأنهار..
- أنعاما، متنوعه ومتعددة.. أشكالا وفوائدا.
- زروعا وحبوبا علي مدار العام..مختلفه الألوان والأشكال والاستخدام..
- ساحلا ممتدا ٧٥٠ كم علي اهم معابر للتجارة الدولية، وخيراته البحرية الكثيرة المثيرة.
- معادنا تسر الناظرين ..لمعانا وقيمة واستخداما ..تفوق الخمسين نوعا..وتمتد في كل ربوعه الحبيب.
- تاريخا ضاربا في القدم شواهده حضورا علي الارض تمثل أقدم حضارة إنسانية..
- أسواقا تحيط بنا من كل جانب..
- عنصرا بشريا ساهم في نهضة دول كثيره .. وما زال في أفريقيا والوطن العربي. وعلي المستوي الدولي.. وفي كل المجالات والمعارف والمهن..
وتردفون بان الطريق إلي الاستفادة من كل هذا الكم الهائل من الموارد، هو الاستقرار ولا شيء غيره..والذي يشجع دولا كثيره تسعي لتعظيم ثرواتها ومصالحها، مشاركة باموالها وخبرتها وتطور التكنولوجيا فيها.. وهي راغبة، ولكن يحول بينكم وبينهم: الاستقرار الأمني وثبات القرار السياسي والاقتصادي.
وتلك مهمة لا تتحقق إلا بوحدة وطنية حقيقية تقوم علي رضي تام.. ناتج عن نقد حقيقي وهادف للتجربة..فكل التجارب التي مرت.. رغم مرارة بعضها وقسوته.. يمكن أن يستفاد من إيجابياتها.. والإتعاظ من سلبياتها .. لأنها تظل تجربة مفيدة..
وبذلك يجد الكل نفسه ويشعر بالأمان ..
وذلك هو دور القيادة الواعية المدركة والعادلة والحاسمة.. التي تسعي لتوحيد كلمة الشعب ، نحو قيم ومباديء، تمثل الثوابت التي لا يحيد عنها أحد.. وتصبح الفيصل بين الناس والحكم..
فأنتم لستم بدعا من الشعوب والدول في العالم البعيد او القريب ..
فمن حولكم دولا عانت واضطهدت وقاست أفظع مما عانيتم… إضطهادا وقتلا وتقتيلا..
لكنها صمدت ولم تعش في التاريخ ولم تنغلق عليه.
وقادها الالم الذي عانته.. والعذاب الذي عاشته. الي فرح كبير قاده زعماء من أواسط شعوبهم..تمثل في وحدة الكلمة والراي والإلتزام كهدف اولي..وها هي تسعي لتحجز الان لها مقعدا بين الدول الجادة وتخطو بثبات نحو مستقبل مشرق.
كان كل ذلك بجهد وطني لم يحصر نفسه في مساحة ضيقة.. وإنما كان عبر جهد مضني..نقدا ومصارحة قادا الي تحقيق العدالة والمصالحة ..
والامثلة كثيرة: شيلي.. بولندا.. اسبانيا.. غانا.. جنوب أفريقيا.. ورواندا..
فكان رده: علي الزعيم أن يتخذ القرار الذي يجمع ولا يفرق.. ويسعي لزيادة مساحات الاطمئنان والرضي للجميع..لانه ليس هناك أقلية، بل مواطنون متساوون..وذلك بضرورة إيجاد التوازن بين مسألة العدالة وبين الانتقال السلمي لبلادنا، وتجنيبها مخاطر أي صراع مستقبلي محتمل..ورغم صعوبة القرار ، لكنه كان واجبا علي اتخاذه من أجل الوطن كله.. فالقياده هي إيجاد الحلول.. لا وضع العقبات. ولتعملوا علي تحديث آليات التعبير والعمل السياسي لانه هو الأكثر ديمومة واستمرارا.. وذلك يتطلب الإنفتاح وتجديد الدماء والقيام بالحشد والتعبئة وفق رؤي علمية وعملية، ولتؤمن الحرية للاعضاء، و تعيش مساحات وفضاءات واسعة لإجراء الحوار وبناء التقارب والتوافق..وصياغة التوافقات علي إجراءات وقواعد الارتباط كما ذكر الزعيم الإسباني فيليب قونزالس، والعمل علي الحفاظ علي الأولويات الحيوية ليسهل انشاء اليات التعامل مع العداله، وضمان السيطره المدنيه علي الجيش والأجهزة الأمنية الآخري، برضي واتفاق قومي، تأمينا لحماية النظام المدني وحقوق الإنسان الفردية.. كأهداف تظل في مقدمة أولويات هذه التحديات.. مما يقود الي بروز أحزاب واعية ومعبرة عن تطلعات الشعب..
ولتدركوا من تجاربنا في السودان : إن الجيش والأجهزة الأمنية كلها عانت وقاومت محاولات الإنصياع.. وما الفصل المتكرر في كل عهود أحكام الانغلاق الفكري .. يسارا ويمينا(١٩٥٨، ٦٩ و ٨٩) إضافة إلي أننا نقول لكم انصافا: أن الجيش لم يقم بانقلاب كمؤسسة البته ، فالمجموعات التي قامت بالانقلابات الثلاث، هم من دعاة التقدمية والإسلام.. عندما أدركو أن لا سبيل لهم للحكم الا عبر الدبابة..
بل ونزيد في حق القوات النظامية أكثر من ذلك بأن كان لها شرف الوقوف مع الثورات الثلاث..
فإذا سلكتم الي ما أشار إليه الزعيمين الخالدين، مانديلا وغونزالييس تكونو قد أعدتم لقواتكم المسلحة والأجهزة الأمنية الاخري، طهرها وحيادها ومهنيتها.. حتي تصبح جزءا من مجتمع مترابط بعمل في تناغم، ينشد العزة والكرامة والحرية والديمقراطية والسلام والتنمية..
واخمدتم نارا تسعي للفتنه بين مكونات الشعب ..
وها نداؤكم وصوتكم يتردد من خلف البرزخ .. وانتم مشفقون وتطالبون بمواصلة المشوار بروح التراضي الوطني والحوار المفتوح .. والذي لا سبيل غيره غير القتال والاقتتال..حتي تتحقق الأهداف المرجوة في التوصل الي صيغه اجماع عام مع القوي السياسيه العامله علي ترسيخ الديمقراطه ..كاوجب الواجبات الان.. [6]وعلي نطاق الحركة الاتحادية خاصة… تطالبون وبأعجل ما يمكن من جمع صفها وتوحيد كلمتها .. ساحة يكون فيها العضو الاتحادي حرا ويمارس حقه وفقا لأسس الديمقراطية السليمة ليختار مع زملائه مؤسساته الحاكمة ودستورها الحاكم لحركته..حتي نعيد للحزب دوره المعهود والمفقود في حفظ توازن الوطن .. في تخلق جديد تستوعبون فيه التجربه الماضية منذ الاستقلال..تبنوا على ايجابياتها.. وتعالجوا سلبياتها في نقد باني…وليكن شعاركم: (أن الناس يتعلمون من أخطائهم.. وان الخطأ وليد التجربة.. وحركة الشعوب كلها تجارب وأنها عرضه للخطأ. مثلما هي قابلة للصواب.. وليكن للمخطئ درس ووعي ونقاش.. مثلما للمحسن تفويض وتأهيل وتوكيل).
وتزيدوا قولا وتوجيها: أن لا تتوانوا في انفسكم فتضيعوا.. وأقدمو علي الأمر بعزم وحزم وأمل وإرادة .. فالإقدام قرين الظفر …مستشرقين فجرا جديدا باذن الله .. مواصلين مشوار الاباء.. وليكن للشباب من الجنسين دورا فاعلا.. شباب اليوم المسلح بكل جديد من المعارف والعلوم المغذي بحكمة الشيوخ..
وهانذا نسمع الردود تنهال عليكم من كل ربوع الوطن وهي تردد:
ابشروا فان نداءكم سيكون لنا الزاد والمداد باذن الله… ما بقي في العمر بقية.. وما ضحيتم من أجله واجب علي الجميع العمل من أجله ليعود السودان ذلك الوطن الشامخ والدوحة الوافرة الظلال والأمل المعقود. عند جيرانه واهله وعالمه البعيد.. مساهما ايجابيا في كل المجالات بحول الله وعزيمة بنيه.
[7]فلتنم قرير العين أبي الشهيد الزعيم الأزهري.. وجميع الخالدين من رموز الحزب والوطن وقياداته التاريخية الذين سبقوك إلي رحاب رب كريم .نسأله أن ينعم عليكم بصحبة حبيبه وصفوت خلقه.. سيد الأولين والآخرين عليه وعلي اله وصحبه افضل الصلاة وأتم التسليم.. وان آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
السماني الوسيلة الشيخ السماني
الحزب الاتحادي الديمقراطي
المصدر : مستقبل 21