الافتتاحية
في ولاية نهر النيل عرف بالشورى والحسم وفي زادنا كرَّس المؤسسية وبذل الغالي والنفيس :
اللواء الركن عبد المحمود يستعد للمهمة المقبلة
عندما كلفه البرهان والِ لولاية نهر النيل بعيد التغيير ، حل على الولاية ليجد أمامه أكداساً من الملفاتٍ المؤجلة منذ آماد . عندها قدر اللواء الركن عبد المحمود حماد حسين أن التزام المكتب والركون للتقارير ليس هو الأنجع وخرج الى رحاب الولاية يتحسس المشكلات وغالبها مرتبط بالزراعة ..
أهل القرى في الولاية لا حظوا أمرين ميزاه عن سابقيه ؛ أولهما أنه يستعرض المشكلات أمامهم ، ثم يخاطبهم قائلاً : ( أريدكم متفقون على الحل مهما يكلف .. إذا اتفقتم أنفذ ) . والثاني أن الرجل يتخذ القرار القطعي على الفور .. العارفون بالأمر قالوا أنه اعتاد أن يدرس ملفات كل بقعة في برنامج زياراته ، ثم يحيله للأجهزة الفنية ، حتى إذا زار الموقع تحسس مطالب الناس وقاربها بالتوصيات ليتخذ قراره الفوري .
القيادة كانت ترقب ؛ وما أن اطمأنت أن الرجل أتم أشراط المؤسسية رأت أن ثغرة أخرى تنتظر ، وكانت المحطة اللاحقة شركة زادنا مفخرة السودان في استثمارٍ يصل المركز بكل الموارد ، ثم أنه مضى على ذات درب التأسيس بحيث اقتنعت القيادة أنه أكمل المهمة في إنتظار تكليف ينتظر اللواء الركن لوضع الأسس اللازمة للبناء ..
وقبل كل ذلك فالرجل هو ابن المؤسسة الرمز من نذرت نفسها لسد الثغور ، ومن تربى في كنفها ضابطاً حتى بلغ ما بلغ .. وأهل الجيش يعلمون جيداً طبيعة مدرسة الكرامة التي تدفع بهم من ثغرة نحو أخرى ، وتظل الأردان التي تشربت أبخرة البارود وأتربة الخنادق معدةٌ ومستعدة لرفع تمامها أينما دفعت بها القيادة ..
ويبقى أن حادي الركب الرئيس البرهان هو الأخبر بمآثر اللواء الركن عبد المحمود ، وطبيعي أن يدفع به نحو تكليف جديد ينتظر ، وليس من شكٍ أنه كالغيث أينما وقع نفع .. وهي مدرسة عادتها الانتقال من ثغرٍ الى ثغر فيما يتمثل هؤلاء الضباط العظام ابن زريق البغدادي إذ يقول :
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ
رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ
مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
المسار وهي تدرك قدر الرجل تسأل الله أن يؤيده بالسند والمدد والعضد في مهمته المقبلة .