مقالات

درس فى السواقة

المسار نيوز درس فى السواقة

بدون زعل

عبد الحفيظ مريود

لو أن حركة مسلحة نشأت فى شمال السودان، وبدأت فى قتال الحكومة، بسبب الظلم، الفقر، شح التنمية، التهميش (وكلو حاصل)، كيف سيتعامل معها الجيش؟ أو نشأت فى الجزيرة، مثلا؟
أول محاولة إنقلابية على حكم الفريق إبراهيم عبود، ماذا كان مصير الضباط ؟
هل سيتعامل الجيش مع الحركات المسلحة، التى قد تنشأ شمالا، بقليل من الحزم؟ هل ستقرر هيئة الأركان أن هؤلاء أهلنا (بما إنو أغلبها شماليون، نهرنيليون)، ولا داعى للقتال، ومن الأفضل أن نوزع عليهم ورودا وأزاهير بدلا عن الرصاص؟
هل كان بالإمكان أن يعفو جعفر نميرى عن حركة ١٩ يوليو، بقيادة هاشم العطا، باعتبارهم(اولاد أمدرمان)، وينحدرون من نهر النيل والشمالية؟
الأسئلة دى تعسفية شوية..شايف كيف؟
ما الداعى لها، ابتداء؟
كيف يمكن أن نصنف أن هذه “حركة تحررية”، وتلك ” حركة كفاح مسلح”، والثالثة ” حركة متمردة”؟ وفقا لأى معايير وأسس؟ هل يمكن أن نعتبر أن جيش التغراى ” حركة تحررية”؟ يتطلب الموقف الانسانى التحررى، لأى شخص سوى، أن يتضامن معها، منددا بما يقوم به الجيش الفيدرالى؟
فى اللحظة البهيمة من عمر الوعى السودانى الراهن، يتشبث كثيرون بخرق بالية من مقولات ” شبه مثقفة”، يمكنها أن تستميل السذج، مثل ” الجيش السودانى كل تجربته هى قتل شعبه، ولا غير…ولذلك لابد من هيكلته وإعادة بناء عقيدته، حتى لا يقتل السودانيين، مرة أخرى”..تشير المقولات إلى الحروبات فى جنوب السودان، جبال النوبة، النيل الازرق، دارفور، وبدرجة أقل، شرق السودان. ولا شك أنها – فى الذهن المرتبك الراهن – تشمل وتركز على فض الاعتصام.
اللحظة البهيمة من تأريخ السودان، هى التى تصدر فيها تصريحات من قوى إعلان الحرية والتغيير، صديق الصادق المهدى بأنها تعمل على بناء جيش سودانى، بمواصفات جديدة..وهى التى تجعل شخصا مثل خالد سلك، (يخلف رجله، بعد أن يشنق سفة من وارد شقرا)، ويطالب بهيكلة ” المنظومة الأمنية كلها”..
شايف كيف؟
لو أن “المنظومة الأمنية” عشية تنحى الفريق أول عوض إبنعوف، بعد استلامه المقلقل، المتعجل، سارعت بقيادة البرهان، إلى تسليم “مفاتيح البلاد” لقوى إعلان الحرية والتغيير، لكانت “أحلى منظومة أمنية” شهدها تأريخ العالم. فقط لأنها فعلت ما نريد..يأمر خالد سلك البرهان بإحالة الآتية أسماؤهم إلى المعاش، فينصاع، ويأمر صديق الصادق مدير جهاز المخابرات بتعيين كشف يضم شباب حزب الأمة ضباطا، فينصاع الأخير، ويقضى وجدى صالح ما شاء الله له فى الشرطة، فيكون قضاؤه ماضيا، لا يرد ولا يبدل…ونكون بالتالى الدولة المدنية التى سيتحدث العالم عن تحضرها ورقيها، لأنها “وضعت المنظومة الأمنية” فى مكانها الصحيح، بعد أن حلت الدعم السريع وطردت قوات مناوى، جبريل، عقار، حجر، مدر، بحر،،،ألخ إلى الخلاء البعييييد.
شايف كيف؟
لكن أحدا لا يقول بأن تمرد جنوب السودان حين بدأ، كان قبل الاستقلال، بعام. ١٩٥٥م هى بداية التمرد..وحين بدأ الجيش قتاله الضارى، كان تحت إمرة قيادة مدنية، كاملة الدسم، هى حكومة إسماعيل الأزهري. ولن يقول أحد، أيضا، أن أول من أتى بالسلام فى جنوب السودان، كان جعفر نميرى، عام ١٩٧٢م، كأول اتفاقية محترمة، دامت عشر سنوات..فيما ظل الجيش يقاتل تحت إمرة الحكومة المدنية المنتخبة، بعد سقوط عبود..وظل يقاتل، أيضا، تحت قيادة مدنية كاملة الدسم، هى فترة حكم الصادق المهدى، ولم يقل “لن أقاتل المتمردين، لأن الحكومة مدنية”..فالجيش الذى “قتل السودانيين” فعل ذلك فى ظل الحكومات جميعا، عسكرية ومدنية…فلماذا يقتل الجيش شعبه؟
لأن مهام الجيش هى مهام الجيش، والقتل وظيفته، متى كان ذلك صروريا لبقاء الدولة. وإلا فلماذا تصنع الدول، قديما وحديثا، جيوشها؟ لترشقها الصبايا بحبات الأرز، أمام القيادة العامة، أم لتطربها أصوات الكنداكات الندية، كلما حدث إعتصام زريييف، لطيييف، مثالى جدا؟
توحدت الولايات المتحدة الأمريكية تحت قعقعة السلاح، حين بدا أن الدولة مهددة..وفعلت بريطانيا ذات الشيئ، تفعل إثيوبيا الآن ذلك، تفعله نيجيريا، مصر، أى دولة على وجه الأرض، تحت قيادة مدنية أو عسكرية..ثمة قتل ضرورى وحاسم وأكيد، للبقاء أحياء ومنين..
شايف كيف؟
لذلك أقدم الإمام على – عليه السلام – على قتال “المتمردين” فى حرب الجمل، فى حروبه ضد معاوية بن أبى سفيان، وحروبه ضد الخوارج…لم يوجه جيشه، جيش الدولة الرسمى لأى حرب خارج حدود الدولة، وقبله فعل أبو بكر الصديق فى حروب الردة..تداخلات “الدين والدولة”، قديمة وجذرية، حتى ولو كره العلمانيون، حتى فى الأديان السابقة، وهى مسألة تحتاج إلى توسيع مصادر وآليات البحث.
كيف تكون “التقديرات الأمنية”، مدنية؟
ذلك أمر “دقيق وحساس”، كما يقول يحى الحسن الطاهر..
حين كنت أناقش الدارفوريين، كنت أقول إنه لو نشأت “حركات متمردة” فى الشمال، لقاتلها الجيش السودانى بذات الضراوة..مثلما سيعدم القائد العام الضالعين فى المحاولات الإنقلابية، بغض النظر عن خلفياتهم الإثنية، الجهوية، كما فعل عبود، نميرى، البشير، إلا أن تكون محاولات “مفبركة”، مثل التى تعلمون.
شايف كيف؟
المهم…
لنذهب إلى الدولة المدنية باستحقاق وجدارة، عبر الانتخابات آلية وحيدة للديمقراطية..الانتخابات دى تجيب كيزان، شيوعيين، حزب أمة، جن أحمر، فهى الانتخابات…وعبر البرلمان المنتخب، تجرى هيكلة الجيش، جهاز الأمن، الشرطة، الدعم السريع، حلها جميعا وتسريحها، فذلك شغل برلمانى بامتياز…لا غبار عليه…
أما أن تفعل ذلك، فقط، لأنه لا يعجبك، أو لأن المنظومة الأمنية لم تأت على هواك، فذاك هو البحر…إشرب منه واسق جارك..
ولو فعل البرهان ذلك، وسلمها – دون انتخابات – لأى جهة كانت، سلك، وجدى، صديق الصادق، صديق يوسف،صديق الهندى، صديق أنصارى، صديق أحمد، صديق نورين، صديق عشكوبى …أى صديق، فسأطلع طبنجتى، واديهو طلقة، أنا شخصيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى