سفراء آخر زمن
الدكتور عمر كابو
في تصرف لا يمت للدبلوماسية بصلة وبعيدا عن سمت وتقاليد العمل الدبلوماسي وما يتطلبه من حصافة وموضوعية تمكن الدبلوماسي من التعامل بحيادية بعيداً عن التحيز وعدم السماح للمواقف الشخصية السياسية أو الثقافية بالتأثير على قناعاته وفرض وصايتها على أجندته وآرائه سارعت في( ذلك الوقت) مجموعة من سفراء اليساريين لإدانة قرارات ه٢ أكتوبر التي كان قد اتخذها الرئيس البرهان بعد أن وصلت البلاد مرحلة من الاحتقان السياسي شهدت الخرطوم فيه أضخم اعتصام عرفته الساحة السياسية السودانية تزامن معه اغلاق طريق الخرطوم بورتسودان بواسطة مواطني الشرق بقيادة الناظر المرعب ترك تبعه اعتصام مماثل في الشمالية ونهر النيل والفاو حيال ذلك لم يكن أمام البرهان من خيار ثانٍ إلا أن يتخذ تلك القرارات الحكيمة بموافقة ومباركة الفاشل حمدوك وقيادات قحط الذين عادوا فتنكروا لهذه الموافقة مما اضطر حميدتي للخروج للعلن ليؤكد للرأى العام أن هذه القرارات اتخذت بموافقة وتأييد من حمدوك وقيادات قحط فاسقط ذلك على أيديهم ولاذوا بالصمت المطبق المثير٠
يبدو أن (سفراء آخر زمن) هؤلاء لم تسعفهم تجربتهم السياسية ولاخبرتهم العملية من إدراك أن منصبهم هذا يتطلب ثبات انفعالي يمنحهم القدرة الكافية لتقبل الأحداث بصبر وأناة واتخاذ سديد القرار دون رجعة عنه أو تردد؛ ولم تسعفهم قدرتهم الذهنية المتواضعة على مناقشة وتحليل هذه القرارات بغية الوصول لردة الفعل المناسبة لمقابلة تلك القرارات٠ فلو أدركوا ذلك لما وجدوا أنفسهم خزايا في هذا الموقف العجيب وهم يضربون نموذجا صارخا في عدم احترام قواعد وتقاليد العمل الدبلوماسي الذي يتطلب مُكّنة على ضبط النفس والهدوء والتماسك أمام المواقف الحرجة أو الضاغطة ويرفض ويأبي على الدبلوماسي أن يعلن انتماءه السياسي أو ينحاز فينطلق أو يعبر عن توجه حزبي معين لأن ذلك يعني دعس وضرب المهنية واصابتها في مقتل٠
هؤلاء السفراء لم يحالفهم التوفيق والسداد وهم يوقعون على مذكرة يدينون فيها قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر ويصفونها (بالانقلاب) وينعتون أنفسهم (بالشرفاء من حيث لا شرف)٠٠ تصريحات غريبة هزت وجدان الدبلوماسية وأرست لسابقة شاذة وغريبة لم تألفها المحافل الدبلوماسية ولذا قوبلت بالرفض الشديد والاستنكار من معظم منسوبي وزارة الخارجية الذين رفضوا تسييس (الخارجية) واستشعروا خطر وخطأ وخطورة الخطوة التي ربما فتحت فضاءً واسعاً لفوضي خلاقة داخل الحقل الدبلوماسي وفتنة لا تبقى ولا تذر بل ربما عصفت بحيادية واستقلالية الدبلوماسية السودانية كلها٠
ولأن اليساريين ينطلقون من منطلق (برغماتي) بحت في تعاطيهم مع الأشياء بعيدا عن أخلاقيات المهنة وما تحتاجه من أخلاق فقد سارع هؤلاء السفراء لعقد اجتماع مع وزير الخارجية لحكومة (انقلاب ه٢ أكتوبر) ورضوا الجلوس معه ولم يستشعروا أدنى حرج في ذلك واستعطفوه أن يشفع لهم عند البرهان الذي وصفوه في بيانهم الكارثة بالانقلابي فمكنهم من الجلوس له والاجتماع معه فكانت المأساة أن بالغوا في الاعتذار له معربين في تذللٍ عن أسفهم الطويل والخضوع التام له٠
والله العظيم ما رأيت بؤساً أسوأ من أن يتحول المرء لدمية تحركه مصالحه أني وكيف ومتى شاءت؟!
هولاء هم سفراء ينتظر منهم الوطن أن يحملوا عنه قيمه وتقاليده وأن يكونوا رسل خير وقيم ومبادئ في وقت هم يفتقدون للحد الأدنى منها٠
ولأنه لا يصح الا الصحيح فإن رسالتنا للرئيس البرهان أن يبقى على هؤلاء داخل سور وزارة الخارجية وعدم ابتعاثهم لأي محطة خارجية بعد أن تأكد للعيان قدرتهم الفائقة على بيع ذممهم وضمائرهم الخربة فمن يبيع نفسه ويرضى لها الذل والهوان والضياع فهو لوطنه أضيع وأبيع٠
سيدي البرهان هم الآن أبدوا استعداداً تاماً للاعتذار إليك فلا تقبل لهم عذراً أو اعتذاراً بعد أن سقطوا في امتحان المهنية والحياد والأخلاق٠
وبعد أن ثبت أن جل قضيتهم تتمحور في الكسب الشخصي والبحث عن مصالحهم الشخصية٠
هم اليساريون كل يوم نسمع اعتذارا منهم حمل عبارة (شالتني الهاشمية) ٠
حاضرة وثابتة:
الشعب السوداني كله كله يريد معرفة أين ذهبت أموال :—
كرووونا
ثمرات
القومة ليك ياوطن
المنح والقروض