شندقاوي يكتب إنها الفاجعة
. فاجعة ما بعدها فاجعة وبينما نحن في تشاكس ومماحكة والوطن يئن والشعب في عاصفة الفقر يصارع بين جوع ومرض ومستشفيات تعطرها رائحة الموت والكل مشغول بنفسه ويسعي لذاته ولا يدخر لغده ولا يعمل والنمل يستعد للشتاء تحسبا وبرؤية استراتيجية لا تجعله عرضة لصروف الدهر في حين أن عابد الذهب وشقيقه يجوبون الأمصار ويعرضون البلاد بثمن بخس وكيف لا فلا لهم خال ولا عم ولا ضلوع أجداد تحت ترابه ولكن يحبون تبره ويكرهون ترابه وكل حيوان يمشى علي قدمين أو علي أربع أو علي بطنه وما خلق الله وما شاء والكل يزود عن حياضة ويحمي عرينه وأهل السودان في وادي ويل لبعضهم يكيدون وآخرون علي بعضهم يزايدون وجمع انكشاري فاقر فاهه جمع فأوعي وهو ضلع مشارك ولكنه في الضلع ( لحمة كبيرة) بلغة الموائد السودانية عاض عليها بالنواجذ وطيارات تجي وطيارات تقوم وخزائن قارون ترثي حالها وتقول كيف بالجنجويدي لحاق وفي هذه العكة وتلك الربكة والبلاد تتآكل من أطرافها ومن أحشائها وجنودنا في الأسر بيد الأحباش ورغم أن الأسير في عرف الأخلاق والدين لا يقتل فقد قتل الأحباش بالأمس الأول جنودنا البواسل وهم شهداء لا شك في ذلك فقد قال المعصوم الذي لا ينطق عن الهوي من مات دون أرضه شهيد وهم عن الفشقة يزودون وقد أرجعوها بعد غيبة والقائد معهم في الميدان ولم يقل لجنوده كما قال قوم موسي لموسي اذهب انت وربك فقاتلا فإنا ها هنا قاعدون بل قال نعم لبيك أوطاني فكان البرهان بيانا وعملا في الصف الأمامي وضرب مثلا بأن الأوطان تحمي بالعزيمة وتمضي بالإرادة فمتي نكون حماة للوطن ويكون لنا إماما وكتاب مبين ونور نمشي فيه ونداء لكل المكبين علي وجوههم فليقفوا قليلا ولينظروا للذين عبروا كيف سارت قوافلهم إذ لم تكن بينهم شحناء ولا بغضاء ولم يعلو الكدر وجوههم ولم تلن لهم قناة ولم يفتر لهم عزم فكانوا يحبون في الوطن ويخاصمون فيه ولا يخافون في الحق لومة لائم ، فالجيش في أطراف البلاد يزود والقائد لا يتخلف لحظة وشهداء يسقطون فلهم منا تحية المجد فقد بذلوا أرواحهم في أشرف المواقع وفاضت في أرفع الميادين فكانت موازينهم راجحة عند ربهم ومكانهم سامي عند شعبهم ، ولنترك الشجار جانبا ونضرب أكباد الإبل نحو وطن الحرية والسلام والعدالة.