مقالات
عودة حمدوك
معاذ طه يكتب
تتناقل الاخبار وبكثافة خبر عودة حمدوك لرئاسة الوزراء من جديد، بل ان البعض ذهب اكثر من ذلك وقال إن زيارة البرهان الحاليه للامارات انما هي لترتيب تلك العوده برعايه اماراتيه سعوديه .
- في تقديري المتواضع ان عودة حمدوك في هذا التوقيت بالذات تبدو صعبه ان لم تكن مستحيلة، وذلك عطفا علي الراهن السياسي والاقتصادي الحرج الذي تشهده البلاد ، وسنحاول تناول احتمالية العوده هذه بناء علي معطيات الواقع وفروض ومالآت المستقبل.
- سياسيا نجد ان الساحة السياسيه لا زالت تغلي، والخلافات والصراعات السياسيه علي اشدها عما كانت عليه حتي قبل استقالة حمدوك، ولا امل في التقاء او توافق هذه الاحزاب والمكونات علي برنامج وطني ولو في حده الادني يحل الازمه ويعبر بنا الي بر الامان، وعليه فان هذه الخلافات السياسيه ، التشاكس وخطابات الكراهيه، هي احد الاسباب الرئيسه التي ادت لاستقالة حمدوك الاخيره.
- اضف لذلك حراك لجان المقاومه والشباب الثائر بلآته الثلاثه والذي يرفض اي تفاوض مع العسكر، وبالتالي سيكون ضد عودة حمدوك طالما انها عبر اتفاق من اي نوع بين البرهان والعسكر ، وحتي ما يشاع عن ان عودة حمدوك تاتي مسنودة بغطاء سياسي ودعم مالي عالمي واقليمي، فان ذلك لا يعنيها في شئ ولن يغير من مواقفها ايضا طالما ان العسكر علي راس السلطه .
- اقتصاديا ايضا نجد ان الازمات الاقتصاديه لازالت تمسك بتلابيب ( محمد احمد ) المسكين، وتخنقه حد ( غرغرة ) الموت نتيجة لزيادة التضخم وغلاء الاسعار، ومع ذلك تعطل الانتاج وتوقف حتي منح وهبات المجتمع الدولي.
- وبعد اظن ان واقع البلاد السياسي والاقتصادي يقول ان عودة حمدوك الان مستحيلة ببساطة لانها تاتي في نفس ظروف و واقع الحال الذي بسببه اعلن تنحيه واستقالته.
- ومع ذلك ان تاكد الخبر واعلن حمدوك عودته فلا نملك الا نقتبس من شعر المتنبي ونردد قائلين :
حمدوك باي حال عدت يا حمدوك … بما مضي ام بأمر فيك تجديد … - علي خلفية اخبار عودة حمدوك يهمس البعض ان العسكر في محاولة ذكيه منهم يسعون لاستمالة حمدوك من جديد، انما لوضعه في مواجهة مدافع ومرمي سهام لجان المقاومه والحراك الثوري، لتخفيف الضغط عليهم في ظل انعدام الحلول السياسيه و الامنيه، وحتي وإذا افترضنا صحة هذا الظن ، وأن حمدوك يراد بعودته ان يكون ( كبش فداء ) او لنقل ( حصان طروادة ) ان صح التشبيه ، فاظن ان ذلك لا يفوت علي فطنة الرجل وذكائه، ولن يقبل بالعودة الا بشروط وصلاحيات تغير المشهد السياسي كلية، هكذا اظنه في حال قبل العوده من جديد .
- واخيرا اقول ان حل مشكلات البلاد وازماتها يبدأ من الحل السياسي، والحل السياسي يحتاج لتفويض واجماع شعبي، والتفويض الشعبي يعني الانتخابات، لذلك تجدني اضم صوتي لمقترح الصحفي عثمان ميرغني باجراء انتخابات عاجله لمنصب رئيس الجمهوريه فقط ، لانها لاتحتاج لاكثر من الرقم الوطني لاي مواطن عكس الانتخابات البرلمانيه والتي تحتاج الي زمن طويل ومطلوبات كثيره مثل الدستور ، مفوضيه وقانون للانتخابات وتعداد سكاني لتحديث بيانات الناخبين، بعدها سيكون لنا رئيس للجمهوريه بتفويض شعبي يملك كامل صلاحيات مجلس السياده الحالي، والذي سيحل تلقائيا، وينزوي العسكر الي ثكناتهم لاداء مهامهم العسكريه فقط، ليشكل الرئيس المنتخب حكومته ولا باس ان يتولي منصب رئيس الوزراء مع رئاسته للجمهوريه لزيادة سلطاته لسرعة انجاز مطلوبات استكمال هياكل السلطه ولمزيد من الرقابه وضبط الاداء التنفيذي للدوله، بعد انجاز الدستور ومطلوبات الانتخابات تجري الانتخابات البرلمانيه، ليكون لدينا برلمان منتخب، وكذلك برلمانات ولائيه، وانتخابات لولاة الولايات والمعتمدين ان تضمن الدستور ذلك .
- واخيرا جدا ان تم ذلك سنكون بين يدينا حكومه مدنيه كاملة الدسم ، ودولة ديمقراطيه حقة يتداول الناس فيها السلطه وفق الدستور والقانون، وينصرف الناس بعدها للانتاج لتنمية البلاد واعمارها .
ودمتم سالمين …