مقالات

فرية تحالف الهامش مع العسكر

المسار نيوز فرية تحالف الهامش مع العسكر

أمل الكردفاني

هجوم واسع على قوى الهامش هنا وهناك، والبحث عن أي هنة أو سقطة أو حتى حرف قاف قيل بالغين لكي يتم الطعن في الهامش، وأخيراً فرية تحالف الهامش مع العسكر، باعتبار أن العسكر هم من قتلوا أبناء الهامش فكيف يتحالفون معهم؟ وهذا كسؤال اليهود لمريم: ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا.
طبعاً لكي أرد على هذه الورجغة رداً عاجلاً؛ سأذكر هؤلاء بأنه وطوال عشرين عاماً من القتل الممنهج والفتن التي وقعت في الشرق والغرب والجنوب والجنوب الغربي، طوال عقدين من الزمان لم تخرج مظاهرة واحدة تطالب بالقصاص لشهداء الهامش. تعلم الهامش أن يقف وحيداً ليدافع عن حقوقه في دولة يحكمها التماسيح وشبكات الفساد منذ سبعين عاماً، وإذا كان على الهامش أن يقتلع حقوقه فإن الغاية تبرر الوسيلة، ولا أسمى ولا اجل من غاية اقتلاع الحقوق. أما الكذَبة والضالون الذين يتصيدون أخطاء الهامش فهم متحالفون مع العسكر منذ الاستقلال، وانقلاباتهم المتتالية، حزباً يتلوه حزب، وأخيراً فنفس هؤلاء هم الذين شاركوا برلمان البشير، عن بكرة أبيهم فقط استجابة لأوامر أمريكا التي كانت تمهد لفصل الجنوب، وبعد أن فصلت الجنوب ألقت بهم لمزبلة التاريخ كما فعلت بحلفائها في أفغانستان وكما فعلت بزيلنسكي وغيرهما. ثم انقسموا ثم عادوا يتحدثون عن النضال ضد الدكتاتورية، ثم تحالفوا مع قوش الذي قادهم لواقعهم اليوم الذي يتباكون عليه، ويصورون الهامش كما لو أنه سبب بلاء السودان ليتنصلوا من مسؤوليتهم التاريخية منذ الاستقلال، وهم الذين رسموا الحاضر البائس جراء تحاسدهم ودسائسهم فيما بينهم، واليوم يريدون أن يتحالفوا ضد المهمشين في الشرق والغرب والجنوب والنوب الغربي كما تحالفوا من قبل ضد الجنوبيين منذ عام ١٩٥٥. وهكذا كان إعلامهم ومنابرهم يتنادون بفصل الجنوب ليذهب الجنوبيون (بعرقهم وعرقيهم) وكأن الدينكا هم من صنعوا العرقي للمك نمر حين أسكر اسماعيل باشا ليغدر به، والغدر من شيمهم فهم ليسوا أهل مواجهة ولا قتال، فلما أرسل إليهم محمد علي باشا بالدفتردار ومعهم جدنا يوسف عصمت تيران باشا فروا فرار الحمر المستنفرة من غضبة قسورة. ثم أصبحوا عبيداً للترك وعبيداً للبريطانيين فانقسموا كلٌ يتنادى باسم سيده، فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون قولاً.
لا يا سادة.
نحن نعرفكم كجوع بطوننا التي لم تجع أبداً، ونعرف دسائسكم التي توجهونها للهامش تضربونه من تحت الحزام وتستعدون لتنكلوا به أكثر مما نكلتم بأطفاله وعجزته من قبل، ولكن الواقع اختلف اليوم اختلافاً كبيراً.
فلسوء حظ الجنوبيين كانت وسائل الإعلام محتكرة في إعلامكم، وما كنا نعرف بمطالب الجنوبيين المشروعة، وكنا نحسبهم كما أشعتم مجرد عبيد مجانين حاقدين على الإسلام، فتبين لنا كل هذا الضلال والتضليل، بل اكتشفنا أن الجنوبيين من أكثر شعوب الأرض تسامحاً دينياً، فإنك لتجد دينكاوي مسلم وشقيقه مسيحي ووالدته وثنية أو لا تعرف عن الدين شيئاً وهم ياكلون من قصعة واحدة ويعيشون تحت سقف بيت واحد. فأي ضلال وتضليل ذلك الذي أزهقت بسببه أرواح هؤلاء الأبرياء المساكين بلا جرم اقترفوه. واليوم تعود لنا نفس النبرة والأصوات والكلمات ضد قوى الهامش، محاولة شيطنة كل قياداتهم بدءً من ترك في الشرق وحتى مناوي في الغرب، وانت ماشي، فهل تظنون أن هذه الأكاذيب باتت تنطلي إلا على رهطكم وما رهطكم يوما برشيد؟ لا.. لقد أصبح العالم مفتوحاً على مصراعيه، وأصبحت الحقيقة تنتقل إلى كل مواطن قبل أن يرتد إليه طرفه، فيراها ويسمعها ويشاهدها حية على الهواء مباشرة. لذلك فهذه الحرب الإعلامية ضد الهامش لن تنفعكم، بل في الواقع ستعزلكم عن هذه الشعوب التي تحيط بكم، ولن تجدوا بعد ذلك إلا أن تصوتوا بانفصال أقاليمكم وانضمامكم (طوعاً أو كرهاً) تحت صولجان الحكم المصري وكرباجه، وكذلك كنتم من قبل فمنَّ الله عليكم فجحدتهم بما منَّ الله عليكم واستكبرتم وعلوتم علواً كبيراً، حتى نسيتم الله فأنساكم أنفسكم، ثم يأتي بكم لفيفا في يوم كان موعوداً.
فأنتبهوا وارعووا واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة، فإن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
وكان الله من وراء القصد هو الذي له الحكم الأعلى ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى