ما من أحق بالحمائل غير السيف : بربر “مطمورة” الحكمة والعلوم قبل الذهب
البرهان ليس بالغر ليخترق المؤسسية في شأن المال بل هو إحقاق الحق
سيف الدين البشير
التربص بالبرهان متاحٌ الا في هذه .. والعقود المنصرمة قالت : شاتر تكسب ، وكم من أوداجٍ انتفخت برسم المشاترة كسلوك لا يجرمه القانون ! ..
على مشارف الخرطوم قبيل الجيلي
لفظت نفيسة بت البشير أنفاسها بعربة الدرجة الثالثة بمشترك كريمة.
لم يكن البشير ود كجيرة وشقيقته يعلمان أنهما سيدخلان الخرطوم وثالثهما جثة امرأة حبلى في الشهر التاسع ، والرابع جنينٌ لم يطلق صرخة الميلاد .
قابلة القرية أفتت بأن الولادة متعسرة .. وما بين رهق عربات الحلة المكدودة ، ووحل الرمال الراتب ، وانتظار بنطون شندي تخافتت الآهات رويداً واستحالت “ياااااا الله لي” لمجرد اختلاجاتٍ على الشفاه الجافة .
استسلم مستشفى شندي لفتوى القابلة قائلاً : “ودوها الخرتوم” .. اعتذرت الروح بأنها ستترجل في الجيلي وعلى الجسدين بلوغ الخرطوم بدونها .
نفيسة بت البشير نموذجٌ لضحايا تهميش إقليم “لا قال الروب .. لا طق الكوراك .. لاشال سلاح” هو لا يمتنع عن حمل السلاح عن خشيةٍ ، بل يحمله ضد الدخيل لا ضد الداخل محاذرة انفراط العقد ..
منذ مطلع ستينات القرن المنصرم كانت الدولة تتقاضى من بصات شندي – الخرطوم رسماً أطلقت عليه “رسوم سفلتت طريق شندي الخرطوم” ، وظلت تصرف منه على أمصار البلاد ، ولم يرصف الطريق الا بعد عقود ثلاثة .. وعندما وقف البرهان يغيل عثرة بربر ، بربرَ بعضٌ بأن الأمر يجافي المؤسسية ! ..
وبربر ليست مخزون الذهب بل أنها بيت الحكمة والعلوم قبل بزوغ الأصفر “الفرحان” .. بربر ؟! .. الثوب السوداني .. الجلابية والعمة .. العطور التقليدية .. الآبري .. الكسرة المرة والنخيل وفوق ذلك كله الرجال العامر بهم الشمال .. بربر ؟! .. هي من شكلت ثقافة السودان الماثلة ..
وعندما وقف البرهان يتيح حقها المستحق بما يمسح الأحزان تعالت الطنطنة ..
ثم أن الذهب هناك لم تحتكره الولاية ، بل أن سنة “قدح الدبكر” سرت عليه ، فأم التنقيب كل اهل السودان . نائب الرئيس وقف بينهم في بربر ، وتحدث عن مال المسئولية الإجتماعية الغائب عن ولاية الذهب والقيم والرجال ..
والبرهان ليس بالغر ليخترق المؤسسية وقد تقلد الأمر برتبة الفريق ، وليتصرف في شأن المال “ساااكت قطع اخدر” ، بل اليقين أن مرجعيته كانت الشركة السودانية للموارد المعدنية وحقوق المنطقة المهضومة المستحقة بمعزلٍ عن الكارثة ..
المثير للضحك أنهم كانوا يعيرون نهر النيل بأنها ولاية بلا موارد ، ثم انقلبوا للقول بأن ريعها من التمور والغلال والذهب يجب أن يمضي لغيرها حتى لدى الملمات ..
ربما أرادوا غل يد البرهان عن منح الولاية حقها فقط لأنه ابن الولاية .. تلك إذن قسمة ضيزى .
أما وقد بلغت المدية المحز ؛ فلم يعد أمام ولاية نهر النيل سوى أن تغلق صنبور الصبر ، ثم تضع الإبهام على زرٍّ فوق الأصفر ..